الطغيان
أصله مجاوزة الحد، ومنه قوله تعالى: (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ) ثم استعمل في شدة الظلم؛ لأنه تجاوز لحد الصفة؛ وهو في القرآن على أربعة أوجه:
الأول: الضلال؛ قال الله: (فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ) أي: في ضلالهم يتحيرون، ويجوز أن يكون أراد أنهم يتحيرون فيما هم فيه من مجاوزة الحد في التمرد؛ وتحيرهم فيه لأنهم لا يعرفون وجه قباحته، والمتحير غير عارف لوجه أمره والعمد التحير.
ومثله قوله تعالى: (رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ) أي: ما أضللته، والشاهد قوله: (وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ) ويجوز أن يكون المراد أي: لما حمله على التمرد وشدة الظلمة لنفسه ولغيره.
الثاني: قال تعالى: (اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى) ويجوز أن يكون أراد أنه جاوز الحد في الكبر أو الظلم والغشم، وقال: (بَلْ كُنْتُمْ قَوْمًا طَاغِينَ).
الثالث الارتفاع ومجاوزة الحد في الكثرة؛ وقال: (إِنَّا لَمَّا طَغَى الْمَاءُ حَمَلْنَاكُمْ فِي الْجَارِيَةِ) أي: حملنا آباءكم على حسب ما يقال لبني شيبان: اليوم أنتم أصحاب يوم ذي قار.
الرابع: الخطأ؛ قال: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) أي: ما يمل ولم يخطئ في الرؤية، وقيل: ما عدل وما جاوز القصد في رؤيته؛ يعني: جبريل عليه