أن يكون القضاء في هذه الآيات بمعنى الوحي، فقوله: (وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ) أي: أوحينا إلى أنبيائهم.
الثالث: الإتمام والفراغ، قال الله: (فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ) أي: أتممتموها وفرغتم منها؛: (فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ) أي: لا تقطعوا ذكره لفراغكم من متعبداتكم، وكانت العرب إذا أرادت [الصدر] عن الحج وقفت بين المسجد والجبل بمنى فذكرت محاسن آباءها ومناقبهم، فأمر الله أن يذكروه ويثنوا عليه كذكرهم آباءهم، ثم قال: (أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا) وأراد بل أشد ذكرا،. لأن نعم الله عليهم أكثر من نعم غيرهم، ووقوع (أو) موقع (بل) معروف، ومنه قوله: (أَوْ يَزِيدُونَ) أي: بل يَزِيدُونَ.
وقال بعضهم: (أَوْ يَزِيدُونَ) عندكم، ومثله (فَإِذَا قَضَيْتُمُ الصَّلَاةَ) ونظيره: (فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ) أي: فلما فرغ النبي - ﷺ - من قراءة: القرآن.
الرابع: بمعنى الفعل، قال اللَّه: (فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ) أي: افعل ما أنت فاعل،: (إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا) والحياة نصب على الظرف، ويجوز أن يكون القضاء هنا الحكم أي: احكم فينا بما أنت حاكم، وقال: (لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا).
الخامس: بمعنى الإرادة، قال اللَّه: (فَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) أي: إذا أراد أمرا فإنما يقول له كن فيكون، أي: إذا أراد أمرا لم يتعذر عليه فعله، وليس هناك قول، وإنما هو عبارة عن إيجاده الفعل من غير تعذر إذا لم يحتمل الكلام على هذا المعنى فسد؛ لأنه لا يجوز أن يخاطب المعدوم، ولا يجوز أن تقول للموجود كن؛ لأنه كان، وإنما هو كقول الشاعر:
قال جناحاه ليسا فيها جفاء