الكلمة
اشتقاق الكلمة من الكلم، وهو الجرح لأن تأثير الحروف في مخارجها وفي السمع كتأثير الجرح فى المجروح، وإن كانت آثارها أخفى، وتقارب المعاني وتشابهها بحيث تتقارب الألفاظ، فإذا قلت: كلمته تكليما، فإنما أدخلت التشديد في الفعل لتدل على تكرير الفعل، ألا ترى أن الكلمة الواحدة أقل الكلام.
وهى لا تخلوا من حروف وحركات، وكأنَّ كل واحد من ذلك كلمه من الكلوم، لأنها أثر بعد أثر تقع في مخارج الحروف وفي السمع، فلذلك قيل: كلمته تكليما، وقد يجوز كلمته كلاما؛ لأنه يعلم أنه لا يكون مصدر كلمه إلا التكليم، ولا مصدر تكلمت إلا التكلم، وإن كلاما إنما ناب عن ذلك وقام مقامة، وإن كان على غير لفظ الفعل، لأنَّهُم لم يستعملوا الفعل منه بغير تشديد ما لم تحل الكلمة، وإن قل عدد حروفها من التكرير؛ ولأنهم كرهوا التباس هذا الفعل ما هو من الجرح أيضا.
والكلمة في القرآن على ثلاثة أوجه:
الأول: الخبر، قال اللَّه: (وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ) أي: لولا الخبر السابق بأن الاستئصال لا ينزل بهذ الأمة لأنزلته بها.
الثاني: قوله تعالى: (لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِكَلِمَاتِ رَبِّي) قيل: يعني: مقدوراته، وقيل: نعمه وعطاياه، وعندنا أنه أراد بكلماته وعده لأهل الجنة ووعده لأهل النار، وهو مثل قوله: (لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ) والمراد أنه لو يفعل ما وعد به أهل الجنة وأوعد به أهل النار حالا بعد حال، فيما يستقبل وكتب ذلك بما في البحر، وقد جعله مدادا وزاد عليه في مثله لنفد قبل نفاد