الوحي
أصل الوحي الإشارة، يقال: وحيت إليه بطرفي أي: أشرت، قال الله: (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) ثم صار كل شيء دللت به على شيء وحيا، وحييت الكتاب وأوحيته إذا كتبته؛ لأنك تشير بالكتابة إلى المعاني التي تريدها، وهو بمعنى الإلهام، وبمعنى الإرسال وبمعنى الرؤيا، ويجوز أن يكون أصله السرعة، ومنه الوحي يقصر ويمد يقال: الوحا الوحا يراد السرعة، ويقال: من الوحي وحا، وأوحى.
وهو في القرآن على خمسة أوجه:
الأول: الإرسال، قال: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ) وقوله: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) أي.: أرسل به إليَّ.
الثاني: الإلهام، قال الله: (وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ) أي: ألهمتهم الإيمان، ومثله: (وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ) جمع واحده: نحلة مثل: نحل ونحلة، والمعنى أنه ألهمها اتخاذ المساكن وادخار العسل كما في غيرها من الحيوان التصرف في وجوه منافعها واجتناب أسباب مضارها، ومثله قوله: (بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا).
الثالث الإشارة، قال الله: (فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا) أي: أومأ، ودليل هذا، قوله: (آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا) والرمز تحريك الشفتين والحاجين والعينين، وقال بعضهم: الوحي هاهنا الكتاب أي: كتب إليهم وقال ذلك [لأن الإشارة لا تنبئ عن الصلاة بكرة وعشيا].