وهم لم يتولوا الشيطان على الحقيقة، ولكن لما كانت أعمالهم أعمال من يتولى الشيطان قال: إنهم أولياؤه، وأنت تقول لصاحبك: أنت ولى الشيطان وأنت تعلم أنه ليس بوليه ولكن تقول ذلك، لأنه يفعل ما يريده.
السادس: بمعنى الناصر، قال اللَّه: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ) فهو في الله بمعنى الناصر وفي الرسول بمعنى الهادي المرشد؛ لأن الولي ينصر وَليه ويهديه، وقال: (اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا) أي: ناصرهم ومرشدهم ومتكفل بأمورهم كولي الطفل يكفيه أموره، وأما قوله تعالى: (وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ) فمعناه أنه أي شيء لهم في رفع العذاب عنهم بوم القيامة وهم يصدون عن المسجد الحرام أراد أمر الحديبية، وما كانوا أولياء المسجد ما أولياؤه إلا المتقون وهم النبي والمؤمنون، وذلك أن اللَّه لم يجعل ولايته إليهم وإنما جعلها للمتقين، وولي البيت من يلي إصلاحه وعمارته كولي الطفل يلي إصلاح أمره وتثمير ماله ثم شرح ذلك بقوله: (إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ) وفي هذا دليل على أن ما يجعله اللَّه لبعض عباده يجوز أن يغلبه عليه غيره؛ لأنَّهُم كانوا يتصرفون في المسجد الحرام ولم يجعله الله لهم.