تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ) بأمره عز رجل بالتوسط في النفقة والعطية ولم يرد الغل ولا البسط على الحقيقة فقال: (بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ) أي: نعمتاه الظاهرة والباطنة، أو نعمته في باب الدين ونعمته في باب الدنيا مبسوطتان على الخلق ينفق كيف يشاء يتوجه إلى نعمته في الدنيا أي؛ يرزق منها من يشاء ما يشاء.
الثاني: بمعنى التوكيد، وهو قوله تعالى: (خَلَقْتُ بِيَدَيَّ) أي: خلقت أنا، كما تقول: هذا ما كسبت يدك فتذكر اليد توكيدا، والمعنى: أنت كسبت.
الثالث: بمعنى الجارحة، قال اللَّه: (وَيَبْسُطُوا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ).
الرابع: بمعنى القدرة، قال تعالى: (قُلْ إِنَّ الْفَضْلَ بِيَدِ اللَّهِ) أي: هو القادر عليه: (يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ) أي: يعطيه من يريده إذا كان يصلح له، وقيل: الفضل هاهنا النبوة، وقِيل: هو الإحسان والنعمة، والله أعلم، واليد أيضا في غير القرآن السلطان في قولهمِ.: ليس لك عليه يد، ويجوز أن يكون هذا بمعنى القدرة، وجاءت أيضا كناية عن الملك، في قولهم: هذا في يدي أي: في ملكي، ويستعمل في ابتداء العمل في قولهم: وضع يده في العمل أي: ابتدأه.
واليد البركة في قوله - عليه السلام - " يد الله على الشريكين " أي: بركته، وتجيء صلة في قولهم: لا كلمتك يد الدهر، واليد الحفظ والكلاء. في قوله - عليه السلام -[" لا تزال هذه الأمة تحت يد اللَّه ما لم تمال في كذا شيء "] (١) ذكره وقد أنسيته.

(١) حديث مرفوع: (الزهد والرقائق لابن المبارك» بَابُ: مَا جَاءَ فِي قَبْضِ الْعِلْمِ).
ونصه:
أَخْبَرَنَا صَالِحٌ الْمُرِّيُّ، قَالَ: حَدَّثَنَا خُلَيْدُ بْنُ حَسَّانَ، عَنِ الْحَسَنِ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا تَزَالُ هَذِهِ الأمَّةُ تَحْتَ يَدِ اللَّهِ، وَفِي كَنَفِهِ، مَا لَمْ تُمَالِ قُرَّاؤُهَا أُمَرَاءَهَا، وَمَا لَمْ يُزَكِّ صَالْحُوهَا فُجَّارَهَا، وَمَا لَمْ يُمَنِّ خِيَارُهَا شِرَارَهَا، فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ رَفَعَ اللَّهُ عَنْهُمْ يَدَهُ، ثُمَّ سَلَّطَ عَلَيْهِمْ جَبَابِرَتَهُمْ، فَسَامُوهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ، وَضَرَبَهُمْ بِالْفَاقَةِ وَالْفَقْرِ، وَمَلأَ قُلُوبَهُمْ رُعْبًا ". اهـ (الزهد والرقائق لابن المبارك» بَابُ: مَا جَاءَ فِي قَبْضِ الْعِلْمِ).


الصفحة التالية
Icon