لقران السور والآيات والحروف فيه، وعلى هذا تكون النون أصلية والهمزة الممدودة زائدة، ولذلك يمكن أن نقول (قرآن) بدون همز، وهو ضعيف، وبناء عليه ذكر الفراء النحوي الكوفي أن اشتقاقه من القرائن، لأن الآيات منه يصدق بعضها بعضا، ويشابه بعضها بعضا، وهي قرائن أي أشياء ونظائر.
٤ - الرأي الرابع: ينسب للإمام الشافعي، ويري أنه اسم سمي الله تعالى به كتابه المنزل على محمد - صلّى الله عليه وسلم - كما سمى الكتابين المنزلين على موسى وعيسى: التوراة والإنجيل، ويهمنا من المعنى الاصطلاحي، فالله هو أنزله وهو الذي أطلق عليه هذه التسمية، ويناقش الأصوليون والفقهاء تعريفه الاصطلاحي مناقشة منطقية (كلام الله المنزل على نبيه محمد - صلّى الله عليه وسلم -، المعجز بلفظه، المتعبد بتلاوته، المنقول بالتواتر المكتوب في المصاحف من أول سورة الفاتحة إلى آخر سورة الناس).
فقولهم المنزل على نبيه: يخرج سائر كلامه المنزل على غير محمد من الأنبياء، وقولهم (المعجز بلفظه، المتعبد بتلاوته) يخرج الأحاديث القدسية، فالأخيرة لم يقع بها التحدي كذلك فإن أرجح الآراء أنها في المعنى من عند الله، أما الألفاظ من كلام النبي - صلّى الله عليه وسلم -، فالرسول راو لكلام الله بلفظ من عنده، ولذا تجوز روايته بالمعنى عند جمهور المحدثين، وحتى على رأي من يقول بأن لفظها من عند الله، فإنها ليست معجزة ولا متعبدا بتلاوتها، فالقرآن هو الذي تتعين به القراءة في الصلاة يقول تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ المزمل، فهو النص المتعبد بتلاوته ومما يرويه الترمذي عن ابن مسعود عن النبي - صلّى الله عليه وسلم - «من قرأ حرفا من كتاب الله تعالى فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها، لا أقول الم حرف ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف». وقولهم: «المنقول بالتواتر... إلخ» يخرج جميع ما سوى القرآن المتواتر، من منسوخ التلاوة.
والقراءات غير المتواترة سواء نقلت بطريق الشهرة كقراءة ابن مسعود، في قوله تعالى عن كفارة الأيمان: (فصيام ثلاثة أيام متتابعات) بزيادة «متتابعات» أو بطريق الآحاد مثل قراءة (متكئين على رفاف خضر وعبقري حسان) [الرحمن: ٧٦] بالجمع في لفظ «رفرف، وعبقري» فإنها ليست قرآنا ولا تأخذ حكمه. فالأركان الأولى هي المميزة لحد القرآن (الإنزال على محمد - صلّى الله عليه وسلم -، الإعجاز، النقل بالتواتر