٤ - باب التجويد (١)
(٢٧) والأخذ بالتّجويد حتم لازم | من لم يجوّد القرآن آثم |
(١) التجويد هو التحسين، وهو علم يبحث في الكلمات القرآنية، من حيث اعطاء الحروف حقها ومستحقها، وقد سبق أن أشرنا أن لعلم التجويد مبادي عامة منها التعريف اللغوي والاصطلاحي فانظر إليه، والتجويد حلية التلاوة وزينة القراءة فمن يقرأ القرآن مجودا مصححا كما أنزل فإن الآذان تتمتع بسماعه، وتتأثر به الجوارح وتخشع لتلاوته القلوب.
(٢٧) ولما فرغ الناظم من مخارج الحروف وصفاتها أخذ فيما يترتب عليها فقال: (والأخذ بالتجويد حتم لازم) ومن الملاحظ هنا وجود تأكيد الوجوب، والتجويد قد قيل أيضا فيه: هو تحسين ألفاظه بإخراج الحروف من مخارجها واعطاء حقوقها من صفاتها وما يترتب على مفرداتها ومركباتها فرض لازم وحتم دائم ثم هذا العلم لا خلاف في أنه فرض كفاية والعمل به فرض عين في الجملة على صاحب كل قراءة ورواية، ولو كانت القراءة سنة وأما دقائق التجويد على ما سيأتي بيانه فإنما هو من مستحسناته فالأظهر أن المراد هنا بالحتم أيضا الوجوب الاصطلاحي المشتمل على بعض أفراده من الوجوب الشرعي لا الجمع بين الحقيقة والمجاز أو استعمال المعنيين بالاشتراك كما ذهب إليه الشراح من الشافعية فإن اللحن على نوعين جلي وخفي، فالجلي: خطأ يعرض للفظ ويخل بالمعنى والإعراب كرفع المجرور ونصبه ونحوهما سواء تغير المعنى به أم لا، والخفي: خطأ يخل بالحرف كترك الإخفاء والقلب والإظهار والإدغام والغنة وكترقيق المفخم وعكسه ومد المقصور، وقصر الممدود وأمثال ذلك لا شك أن
هذا النوع مما ليس بفرض عين يترتب عليه العقاب الشديد، وإنما فيه خوف العقاب والتهديد، وأما تخصص الوجوب بقراءة القرآن كما ذكره بعض الشراح فليس مما يناسب المرام في هذا المقام. وقوله (من لم يجود القرآن آثم): أي من لم يجود القرآن وفي نسخة من لم يصحح القرآن، وذلك بأن يقرأه قراءة تخل بالمعنى أو بالإعراب كما صرح بذلك الشيخ زكريا، ثم لفظ القرآن منقول في البيت على قراءة ابن كثير كما قال الشاطبي - رحمه الله-: ونقل قرآن والقرآن