(٣٢) مكمّلا من غير ما تكلّف | باللّفظ من النّطق بلا تعسّف |
على بابه يراد أن مده بألف الرحمن يكون على مقدار مده بياء الرحيم وأمثال ذلك.
وقيل: (واللفظ في نظيره) أي نظير ذلك الحرف (كمثله) أي وأن تلفظ بنظيره بعد لفظك به مثل لفظك به أولا، إن كان الأول مرققا فنظيره كذلك أو مفخما فنظيره كذلك أو غيره فغيره لتكون القراءة على نسبة واحدة.
(٣٢) أي حال كون اللافظ مكمل الصفات حقا واستحقاقا وهذا المعنى يأتي مع كسر مكملا، أو بفتح الميم أي حال كون الملفوظ مكمل الأداء مخرجا وصفة من غير تكلف وارتكاب مشقة قراءته بالزيادة على أداء مخرجه والمبالغة في بيان صفته وما زائدة لتأكيد النفي، وقيل: من غير ما تكلف في القراءة.
وقوله: (باللطف في النطق بلا تعسف) وفي نسخة (باللفظ) بدلا من باللطف وهو أن يتلفظ في نطقه بالقراءة بلطف أي بلا خروج عن استقامة جادة الأداء، والمعنى أنه ينبغي أن في قراءته في الترتيل عن التمطيط، وفي الحدر عن الإدماج والتخليط، فإن القراءة بمنزلة البياض إن قل صار سمرة وإن كثر صار برصا، وقول الشيخ زكريا في نسخة باللفظ فلا وجه لصحتها، وقد أشرنا أن القرآن يقرأ بالترتيل وبالتحقيق وبالحدر والتخفيف والترتيل أولى لظهور المعنى والتحقيق أفضل لتكثير المبني، وقد ورد أنه - صلّى الله عليه وسلم - قال: «من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد» يعني عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - والمراد بالغض الطري فإنه - رضي الله عنه - كان قد أعطى حظا عظيما في تجويد القرآن وتحقيقه وترتيله كما أنزله الله تعالى، وقد أمره - صلّى الله عليه وسلم - أن يسمعه القرآن فقال: أقرأ عليك وعليك أنزل؟ فقال: نعم أحب أن أسمعه من غيري، فقرأ عليه سورة النساء إلى أن وصل إلى قوله تعالى: فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً فقال حسبك الآن وكانت عيناه تذرفان. وفي الحديث الوارد في الصحيحين إيماء إلى بيان الطريقين في أخذ القراء عن الشيوخ، ولما كان عبد الله من أجلاء علماء القراءة من الصحابة خصه النبي - صلّى الله عليه وسلم - بهذه المنقبة. وتجوز القراءة سرا وعلانية وبأيهما اقترن نية صالحة كان أعلى وأولى. وفي الموطأ وسنن النسائي عن حذيفة - رضي الله