فيوردها بجميع ما فيها، مسندة من شيوخه إلى قائلها" «١»، وربما يروي لك الأثر الواحد بعدة أسانيد، إلى قائله «٢».
وللداني معرفة كبيرة بتاريخ رواة الحديث، وطبقاتهم، ودرجاتهم، وله إلمام كبير بعلم الجرح والتعديل، يروي أقاويل أئمته: أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين وأمثالهما في تعديل الرواة وجرحهم بالأسانيد المتصلة «٣».
والنقاد يعرفون للداني قدره وبراعته في علوم السنّة، وتاريخ رجالها، فالذهبي ترجم له في تذكرة الحفاظ، فقال:" الحافظ الإمام شيخ الإسلام" «٤». وابن بشكوال قال فيه:" وله معرفة بالحديث، وطرقه، وأسماء رجاله، ونقلته" «٥». وقال فيه ابن الجزري:" سمع الحديث من جماعة، وبرز فيه وفي أسماء رجاله" «٦».
وللداني شأن في علوم الاصطلاح، وله فيه آراء. ومن آرائه أن العنعنة لا تقبل إلا إذا كان الراوي المعنعن معروف بالرواية عمن عنعن عنه «٧»، وهو، أي الداني، ممن يعتبر قوله في الجرح والتعديل، ولذلك ترى الحافظ المزي ينقل عن الداني في (تهذيب الكمال) رواياته في الجرح والتعديل «٨».
ثالثا: اللغة
النحو عند أهل الأندلس في نهاية من علوّ الطبقة، وكل عالم في أي علم لا يكون متمكنا من علم النحو بحيث لا تخفى عليه الدقائق، فليس عندهم بمستحق للتمييز، ولا سالم من الازدراء «٩».
ومن هنا نرى الداني واسع الاطلاع على النحو، محيطا بمذاهب النحويين
(٢) انظر الفقرات: ١١٧، ١١٨، ١٢١ من جامع البيان.
(٣) انظر الفقرات: ٢٥٠، ٢٩٩، ٣٢٥، ٣٢٧، ٣٤٨، ٣٤٩ من جامع البيان.
(٤) ٣/ ١١٢٠.
(٥) الصلة: ٢/ ٣٨٦.
(٦) غاية النهاية ١/ ٥٠٤.
(٧) انظر فتح المغيث للسخاوي ١/ ١٥٨.
(٨) انظر تهذيب الكمال ١/ ٣٠٢ ترجمة حفص بن سليمان البزاز، وانظر الفقرة: ٣٢٥ من جامع البيان.
(٩) انظر: نفح الطيب ١/ ٢٢١.