المبحث الثاني تلاميذه:
تصدّر أبو عمرو للإقراء مدة طويلة في عدد من مدن الأندلس، لذلك كثر تلاميذه في الأندلس، إضافة إلى ما كان يتمتع به من سمعة حسنة، وذكر طيب لدى العامة والخاصة. فترى الذهبي بعد أن يعدد جماعة من تلاميذ الداني يقول:" وخلق كثير من أهل الأندلس، لا سيما أهل دانية" «١»..
ومجموعة التلاميذ الذين وصلت أسماؤهم إلينا ليست كبيرة، فقد عدت عوادي الزمن وأحداثه على أسماء الكثرة الكاثرة منهم، كما عدت على الأندلس كلها بما فيها ومن فيها. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
وأكبر تلاميذ الداني أبو عبد الله الأنصاري محمد بن أحمد بن مسعود، الذي تصدر في حياة شيخه، وعاش إلى حدود السبعين وأربع مائة «٢».. وآخر من حدث عن الداني في الدنيا أبو القاسم المرسي أحمد بن عبد الملك بن موسى بن أبي جمرة «٣»، فإنه بقي إلى بعد الثلاثين وخمس مائة «٤».
وأجلّ تلاميذه قدرا، وأشهرهم ذكرا، سليمان بن نجاح أبو داود بن أبي القاسم الأموي، مولى المؤيد بالله المستنصر، الأندلسي، شيخ القراء، وإمام الإقراء (٤١٣ - ٤٩٦) أخذ القراءات عن أبي عمرو الداني، ولازمه كثيرا، وسمع منه غالب مصنفاته، وأخذ عنه مؤلفاته في القراءات «٥»، واشتهر بحمل علوم الداني ورواية كتبه «٦»، ومن طريقه وصل إلينا كتاب جامع البيان في القراءات السبع، ولم يكن مجرد راوية، بل

(١) تاريخ الإسلام ج ١٣ ل ٢٠٥ ظ.
(٢) انظر ترجمته في غاية النهاية ٢/ ٦٣.
(٣) غاية النهاية ١/ ٧٧.
(٤) انظر غاية النهاية ١/ ٥٠٤.
(٥) انظر غاية النهاية ١/ ٣١٦ - ٣١٧.
(٦) انظر مقدمة ابن خلدون ٣/ ٩٩٦.


الصفحة التالية
Icon