١٣٠٣ - قالوا: فأما النصّ فإن جميع أصحاب ورش من أبي يعقوب «١»، وأبي الأزهر وداود وغيرهم أطلقوا المدّ، وعبّروا عنه عن نافع في كتبهم التي سمعوها وأصولهم التي دوّنوها في نحو قوله: وأوذوا [آل عمران: ١٩٥] «٢»، فادرءوا [آل عمران: ١٦٨]، ردما ءاتونى، قال ءاتونى [الكهف: ٩٦] «٣»، وو كلّ أتوه [النمل: ٨٧] «٤»، وغير ءاسن [محمد: ١٥] وفئاتاهم الله ثواب الدّنيا [آل عمران: ١٤٨] ولإيلف قريش إلفهم [قريش: ١، ٢].
١٣٠٤ - وأما القياس: فإن الهمزة علّة لزيادة التمكين لحرف المدّ، وموجبة له فيه، لجهرها «٥» وخفائها، فكما توجبه متأخرة بإجماع، كذلك أيضا توجبه متقدمة، لا فرق بين تأخّرها وتقدّمها في وجوب ذلك البيان والتحقيق.
١٣٠٥ - والوجهان جميعا لا دليل فيهما على مذهبهم، ولا حجة فيهما [لانتحالهم]، ويؤذنان بطول قولهم وردّ دعواهم ويشهدان بقبيح مذاهبهم وسوء انتحالهم.
١٣٠٦ - فأما ما ذكروه من النص الذي حقّق ذلك عنهم «٦»، فإن أصحاب ورش لم يريدوا بإطلاق المد على تلك الحروف وبأشباهها الزيادة في تمطيطها، والمبالغة في تمكينها، حتى يتجاوز بذلك صيغتها، ولا قصدوا ذلك، بل أرادوا به معنى آخر هو أولى وآكد من معنى الزيادة والمبالغة؛ لحصول الفائدة فيه دون غيره، وهو الدلالة على الفرق بين القراءتين «٧»، في الكلمة المحتملة الوجهين من المدّ والقصر فيما اختلف فيه، والإعلام بأن بعد الهمزة حرف مدّ فيما اتفق فيه لا غير.
١٣٠٧ - ومما يبيّن أن ذلك أرادوا وإياه قصدوا دون غيره، إطلاق جميعهم القصر على تلك الحروف وأشباهها، مما فيه اختلاف بين أئمة القراءة، في مذهب من

(١) اسمه يوسف بن عمرو بن يسار الأزرق، وداود هو ابن أبي طيبة هارون.
(٢) ولم يذكر هذا الحرف م.
(٣) والمد يتحقق عند البداءة بقوله (ائتوني).
(٤) يقرؤها نافع (آتوه) بمد الهمزة وضم التاء، انظر: النشر ٢/ ٣٣٩، السبعة/ ٤٨٧.
(٥) في ت، م: (لجرها). وهو خطأ واضح.
(٦) أي عن أصحاب ورش.
(٧) في م: (القرائن). وهو خطأ واضح.


الصفحة التالية
Icon