وتبعه جلال الدين السيوطي المتوفى سنة ٩١١ هـ فوضع كتابه «الإتقان في علوم القرآن» ثم تتابع العلماء بعد ذلك في وضع مصنفات، معظمها على هيئة مباحث متصلة بعلوم القرآن «١».
ج) أثر كتاب (جمال القراء.. ) فيمن جاء بعده من المؤلفين:
من يقرأ تاريخ العلماء يجد أن كثيرا منهم استفاد ممن سبقهم، وأفاد من جاء بعدهم، وهذا أمر مشاهد ومعروف، ومما لا شك فيه أن لشخصية المؤلف ومكانته العلمية دورا كبيرا في إفادة من جاء بعده.
والإمام السخاوي شخصية علمية كبيرة اشتهر في البيئة التي نشأ فيها، وفي المجتمع الذي مكث يقرئ فيه نيفا وأربعين عاما، إذ كان الناس في إقبال شديد على تعلم أنواع العلوم، وبخاصة علوم القرآن الكريم، ثم إن كثيرا منهم ترك هذا الفن لصعوبة مسلكه وتشعب معلوماته، فظلت شخصية السخاوي محدودة لدى المتخصصين في علم القراءات، بل إن كثيرا من طلاب العلم عند ما يذكر له السخاوي، لا ينصرف ذهنه إلّا إلى شمس الدين محمد بن عبد الرحمن المحدث المؤرخ المتوفى سنة ٩٠٢ هـ، وبناء على هذا ظلت مؤلفات إمامنا السخاوي مغمورة محبوسة في المكتبات تنتظر من ينفض الغبار عنها ويخرجها إلى طلاب العلم والمعرفة، وقد وجدت بعض العلماء كأبي شامة وابن الجزري والسيوطي وغيرهم من السابقين نقل عن (جمال القراء.. ) بعض الفوائد، كما وجدت أيضا بعض العلماء المعاصرين من أفاد من هذا الكتاب، مثل شيخنا عبد الفتاح القاضي- رحمه الله تعالى-. وأستاذنا الدكتور محمد سالم محيسن- حفظه الله تعالى-.
ولا شك أن هذا النقل والإفادة من كتب السابقين يعتبر دليلا واضحا على أهميتها.
وتتميما للفائدة سأشير إلى بعض العلماء الذين استفادوا من كتاب (جمال القراء.. ):
[١] أفاد الشيخ أبو شامة من كتاب «جمال القراء.. » في أماكن متعددة من كتابه (المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز)، فقد أفاد منه عند كلامه على كيفية نزول القرآن، وتلاوته، وذكر حفاظه في ذلك الزمان. قال: قال الشيخ أبو الحسن في كتابه (جمال القراء.. ) في ذلك:- أي في إنزاله إلى سماء الدنيا- تكريم بني آدم.... «٢» الخ.
(٢) المرشد الوجيز ص ٢٧.