نسخت بقوله عزّ وجلّ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ «١»، فصارت- أعني آية البقرة- ناسخة لآية النساء منسوخة بآية التوبة، وهذا معدوم النظير «٢».
وقيل: ليست آية البقرة بناسخة ولا منسوخة، وإنما هي مخصوصة بالنهي عن القتال في الحرم، ولا يحل القتال فيه، إلّا لمن قاتل، قال ذلك: مجاهد وطاوس «٣».
وأكثر العلماء على وجوب قتال المشركين أينما كانوا بآية التوبة، وآية التوبة نزلت بعد البقرة بمدة متطاولة «٤».
٣ - قوله عزّ وجلّ الشَّهْرُ الْحَرامُ بِالشَّهْرِ الْحَرامِ وَالْحُرُماتُ قِصاصٌ فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ
(١) التوبة: ٥ وهي التي تسمى بآية السيف.
(٢) ذكر هذا مكي في الإيضاح ص ١٥٧. وهذا ان سلم القول بالنسخ، وإلا فإن الراجح الأحكام كما سيأتي قريبا في الهامش الآتي والذي بعده.
قال ابن الحزم الظاهري:- تحت عنوان هل يجوز نسخ الناسخ؟ - قال: (ولا فرق بين أن ينسخ الله تعالى حكما بغيره، وبين أن ينسخ ذلك الثاني بثالث وذلك الثالث برابع، وهكذا كل ما زاد، كل ذلك ممكن إذا وجد وقام برهان على صحته... ) اه الأحكام في أصول الأحكام (٤/ ٨٠).
(٣) ذكره النحاس بنحوه عن مجاهد وطاوس ص ٣٤. وهذا هو الذي عليه جمهرة العلماء، فقد قال القرطبي: قال مجاهد الآية محكمة، ولا يجوز قتال أحد في المسجد الحرام إلا بعد أن يقاتل وبه قال طاوس، وهو الذي يقتضيه نص الآية، وهو الصحيح من القولين وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه اه الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٥١)، وانظر أحكام القرآن للجصاص (١/ ٢٥٩)، ولابن العربي (١/ ١٠٧ - ١٠٨) وزاد المسير (١/ ١٩٩)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص ١٨٢، والبحر المحيط (٢/ ٦٧).
(٤) ذكره النحاس بنحوه عقيب ذكره لرواية قتادة التي تفيد أن الآية منسوخة- وقد سبق ذكرها- قال:
وأكثر أهل النظر على هذا القول أي أن الآية منسوخة ص ٥٣. وذكره كذلك مكي بن أبي طالب بنحو ما ذكره المصنف. انظر: الايضاح ص (١٥٧، ١٥٨).
والذي ظهر لي- كما قلت آنفا- من خلال ما قاله العلماء كالقرطبي وابن الجوزي وغيرهما أن الآية محكمة وأنه لا يجوز قتال المشركين في الحرم إلا بعد قتالنا، عند ذلك يجوز لنا أن ندفع عن أنفسنا، بدليل الآية التي ذكرها المصنف وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ وتمامها، فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فهذا خاص، والأمر بقتال المشركين كافة عام، فيكون هذا من باب التخصيص لا من باب النسخ. والله أعلم.
أما بالنسبة لنزول التوبة بعد نزول البقرة بمدة طويلة، فقد سبق الكلام عن ترتيب السور المكية والمدنية في أول هذا الكتاب، وذكر السخاوي هناك أن البقرة من أوائل السور نزولا بالمدينة وأن التوبة من أواخر ما نزل فيها على القول الراجح. وراجع الإتقان (١/ ٧٢ - ٧٣).
(٢) ذكر هذا مكي في الإيضاح ص ١٥٧. وهذا ان سلم القول بالنسخ، وإلا فإن الراجح الأحكام كما سيأتي قريبا في الهامش الآتي والذي بعده.
قال ابن الحزم الظاهري:- تحت عنوان هل يجوز نسخ الناسخ؟ - قال: (ولا فرق بين أن ينسخ الله تعالى حكما بغيره، وبين أن ينسخ ذلك الثاني بثالث وذلك الثالث برابع، وهكذا كل ما زاد، كل ذلك ممكن إذا وجد وقام برهان على صحته... ) اه الأحكام في أصول الأحكام (٤/ ٨٠).
(٣) ذكره النحاس بنحوه عن مجاهد وطاوس ص ٣٤. وهذا هو الذي عليه جمهرة العلماء، فقد قال القرطبي: قال مجاهد الآية محكمة، ولا يجوز قتال أحد في المسجد الحرام إلا بعد أن يقاتل وبه قال طاوس، وهو الذي يقتضيه نص الآية، وهو الصحيح من القولين وإليه ذهب أبو حنيفة وأصحابه اه الجامع لأحكام القرآن (٢/ ٣٥١)، وانظر أحكام القرآن للجصاص (١/ ٢٥٩)، ولابن العربي (١/ ١٠٧ - ١٠٨) وزاد المسير (١/ ١٩٩)، ونواسخ القرآن لابن الجوزي ص ١٨٢، والبحر المحيط (٢/ ٦٧).
(٤) ذكره النحاس بنحوه عقيب ذكره لرواية قتادة التي تفيد أن الآية منسوخة- وقد سبق ذكرها- قال:
وأكثر أهل النظر على هذا القول أي أن الآية منسوخة ص ٥٣. وذكره كذلك مكي بن أبي طالب بنحو ما ذكره المصنف. انظر: الايضاح ص (١٥٧، ١٥٨).
والذي ظهر لي- كما قلت آنفا- من خلال ما قاله العلماء كالقرطبي وابن الجوزي وغيرهما أن الآية محكمة وأنه لا يجوز قتال المشركين في الحرم إلا بعد قتالنا، عند ذلك يجوز لنا أن ندفع عن أنفسنا، بدليل الآية التي ذكرها المصنف وَلا تُقاتِلُوهُمْ عِنْدَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ حَتَّى يُقاتِلُوكُمْ فِيهِ وتمامها، فَإِنْ قاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ فهذا خاص، والأمر بقتال المشركين كافة عام، فيكون هذا من باب التخصيص لا من باب النسخ. والله أعلم.
أما بالنسبة لنزول التوبة بعد نزول البقرة بمدة طويلة، فقد سبق الكلام عن ترتيب السور المكية والمدنية في أول هذا الكتاب، وذكر السخاوي هناك أن البقرة من أوائل السور نزولا بالمدينة وأن التوبة من أواخر ما نزل فيها على القول الراجح. وراجع الإتقان (١/ ٧٢ - ٧٣).