وتأثيرا فيها» «١». كما ذكرنا سابقا.
ويستشهد لهذا بالآيتين: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَعَلى سَمْعِهِمْ وَعَلى أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ «٢»، وكذلك قوله تعالى: وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ «٣»، وهو لا ينسى التأكيد على الكلمتين المستعارتين: ختم وسكت، ويبدو لنا أن الفعل في الآية الثانية أخصّ بالتشخيص، لوجود الصفة الآدمية.
ويستعرض دراز في كتابه «النبأ العظيم» بعض السمات الفنية والفكرية في سورة البقرة، وهو الذي يقول: «تقرأ القطعة من القرآن، فتجد في ألفاظها من الشّفوف والملامسة والإحكام.. كأنك لا تسمع كلاما ولغات، بل ترى صورا وحقائق ماثلة» «٤».
ويقف على حسية كلمة «ختم» في قوله تعالى: خَتَمَ اللَّهُ عَلى قُلُوبِهِمْ «٥» وكلمة «مرض» التي جسمت ذهنية مساوئ الدخيلة البشرية في قوله تعالى: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ «٦».
وهو يوازن بين الكلمتين، ويوافق المفسرين في أن الآيتين كليهما في صفة المنافقين، ويقول عن «ختم»: «وهذه الظلمات الثابتة المستقرة التي ليس فيها بصيص من نور، وليس فيها تقلّب ولا تذبذب.. إن المثل الأول يصوّر حال المنافقين في بواطنهم، وهو الأمر الذي يشاركون فيه سائر الكفار، والمثل الثاني يصوّر حالهم في ظواهرهم، وهو الأمر الذي يتقلّب عندهم بتقلّب الداعي، لأن تقبّلهم إنما هو في الظاهر لا الباطن» «٧».
(٢) سورة البقرة، الآية: ٧.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٥٤.
(٤) دراز، د. محمد عبد الله، النبأ العظيم، ص/ ١١١.
(٥) من سورة البقرة، الآية: ٧.
(٦) سورة البقرة، الآية: ١٠.
(٧) دراز، د. محمد عبد الله، النبأ العظيم، ص/ ١٦٤.