الصحراوية العربية الحارّة، فما أكثر ذكره للبحار والأنهار.
وعلى أية حال نأخذ برأي بدوي الذي أكده الدكتور عتر، وهو أن: «قيمة المشبّه به أن نفاسته ليست موضع عناية القرآن الكريم، لأنّ البحث هنا عن القيمة الفنية لا عن النفاسة الماديّة أو النّدرة التي كانت موضع عناية لدى بعض الشعراء في بعض العصور» «١».
فالدّيمومة كائنة في أثر كيفية ملاءمة مفردات الطبيعة للمضمون الفني، والأمر ليس تلفيقا، كما يجري في كثير من الأدب القديم أو الحديث، وهذا بالإضافة إلى ديمومة ما ينتقى من الطبيعة ما دامت الحياة.
- مفردات الجماد والنبات عند المحدثين:
اهتم المحدثون بإيحاء التأثير الكامن في اختيار الجماد في الصورة البصرية أكثر من اهتمامهم بجودة التصوير الحسي، فقد وقف سيد قطب عند الآية الكريمة: فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ «٢»، وقال:
«لا يستجيبون فهم إذن حجارة، وإن تبدّوا في صورة آدمية من الوجهة الشكلية.. على أن ذكر الحجارة هنا يوحي إلى النفس بسمة أخرى في المشهد المفزع مشهد النار التي تأكل الأحجار، ومشهد النار الذين تزدحمهم هذه الأحجار في النار» «٣».
وفي تفسير سورة الواقعة يشير إلى شدة العذاب في ذكر كلمة «الزقوم» من الآية الكريمة: لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ «٤» إذ يقول: «على أن لفظ الزقوم نفسه يصوّر بجرسه ملمسا خشنا شائكا مدبّبا يشوك الأنف، بله الحلوق» «٥».
وهو يلتمس- فيما يبدو لنا- هذه الشدة في القاف المضعّف ثم الوقوف
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٣.
(٣) قطب، سيّد، في ظلال القرآن، مج/ ١: ١/ ٤٩.
(٤) سورة الواقعة، الآية: ٥٢.
(٥) قطب، سيّد، في ظلال القرآن، مج/ ٦: ٢٧/ ٣٤٦٥.