الشّطط والإسقاط النفسي الخاص لكيلا يخالفوا مقاصد الآيات.
وبعد التّطوف بجهود الدارسين توصلنا إلى الأمور الآتية:
١ - لفت معظم القدامى نظرنا إلى أهمية المفردة المجسّمة أو المشخّصة أو ما ينتزع من الطبيعة، وأبدوا إضاءتها للنص الكلي، وذلك من خلال بسط معنى المصطلح، وما استلهموه من خصوصية المفردة المصوّرة.
٢ - أدرك القدامى أن حسّية المعنى المصوّر تمثّل مرحلة أولى من التأثير، ومن ثمّ يتملّى المرء الأثر الوجداني، فحسّية تذوّق العذاب لا تقصد لذاتها، وكذلك حسّية الحالات الشعورية، فقد دلّت تطبيقاتهم على هذا، كما أثبتنا رأي ابن الأثير الذي يعدّ تنظيرا لما أكّده المحدثون، وهو يشبه رأي جويو الذي يقول: «حين يكون إحساس من الإحساسات اللذيذة القوية غير متّصف بالجمال، فمردّ ذلك إلى أن «الشّدة» المحلّيّة لهذا الإحساس تحول بطبيعتها دون «سعته» أعني انتشاره في الجملة العصبية، فينتج عن ذلك أن يستنفذ في منطقة معيّنة، ويتوقف في النقاط الأخرى، فتظلّ اللذة حسية محضة» «١».
فاللذة الحسية الخالصة ليست من معالم الجمال، وذلك مثل كثير من اللذائذ التي يحصل عليها المرء، وقد شهدت لنا الصفحات السابقة أن القرآن يخاطب الشعور بالصّور الحسية، وأن هذه الحسية واضحة جليّة وعميقة الفاعلية، خصوصا أن في القرآن فنا قوليا يترفّع عن الغاية الحسية الخالصة، وأنه كأي فن رفيع يتعامل مع الحواس العليا المؤدّية إلى المشاعر.
٣ - أدرك القدامى أن المفردة الحسية تصوّر الحالة الشعورية فتجسّمها، وتصور كذلك الحركة المشاهدة التي تتمخّض عن الحالة الشعورية، ولم يقف المصطلح القديم كالاستعارة والتمثيل والتخييل حاجزا يمنع من تبيين المدلول الفني فالنفسي، وقد أضاف بعض المعاصرين الكثير من المفردات المصوّرة للحركة، نذكر منهم سيد قطب.
٤ - استخدام القرآن الجماد، والنبات في الصورة الفنية، وهنا حاول القدامى