الجمال الموضوعي- كما نرى- يتّصف بالكمّ، ولا يتّصف بالماهيّة، فعدد الحروف هو المعيار، وليس أنواعها.
ويجب أن نقول: إنّ علاقة القارئ أو السامع بالكلمة كما يجدها، ومن التّعسّف إحالته إلى الأصل، ثلاثيا كان أو رباعيّا، فإنّ هذا لا يعدّ تبريرا لطول النّفس معها، فما شأن القارئ أو السامع بكون الجذر الأصلي للكلمة «خلف»؟، لذلك نرى أنّ موضوعية ابن الأثير غير مقنعة، كما أن سطحيّة ابن سنان مجحفة، وكأنّما الأمر مجرّد كمّ لا كيفية ولا نوعيّة.
ويبدو أن جمال كلمة «ليستخلفنّهم» له وجه آخر يتّضح من وجود السين، والخاء الساكنتين، وهما من حروف الهمس، وهذا هو سرّ فصاحة الكلمة.
وإذا كان ابن الأثير يعوّل في هذا الأمر على جذر الكلمة، ولا يحتكم إلى الذّوق على جاري عادته في كثير من صوتيات القرآن، فإن هذا الاحتكام إلى الذوق المبهم يتكرر لدى يحيى العلوي الذي خصّص صفحات مطوّلة لفصاحة المفردة أيضا، إذ يقول: «والتّعويل في ذلك على الذّوق، فإنّها ربّما كثرت الحروف، وهي خفيفة على اللّسان، كقوله تعالى: فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وكقوله: لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ «١».
ومفهوم الخفة يبدو غامضا، وكثيرا ما قرنوه بالعذوبة، لذلك يبقى هذا التفسير بحاجة كبيرة إلى التوضيح، فلا نعرف إن كانت الخفّة في التشكيل الصوتي الكلي للكلمة أو في طبيعة الصوت بمفرده.
ويبدو لنا أنّ قبح كلمة «سويداواتها» ينتج عن ندرة استعمالها في صيغة الجمع، واطراد استعمال المفرد منها «سويداء»، وهذا الاضطرار الموسيقى في إحكام الوزن الشّعري الذي يخلّف كثيرا من الحشو، عادة لا يكون في نسق القرآن الكريم، ويضاف إلى هذا أن تكرار الواو والمدّ معا قد يعطي النّطق مدّا جبريّا، وصعودا شاقّا، فالقبح في الشّكل والمضمون معا.
والجدير بالذكر أنّ الأسلاف لم يلتفتوا إلى دراسة هذه الخاصيّة، ولم