ويمكن القول إن المفردة هي المجموعة الصوتية التي تدلّ على معنى، وهذه المجموعة هي وحدة كلامية تقوم مقام الجزء من الكل في الجملة، وهي الجزء الأوّلي في بناء النظم والوحدة المكوّنة له، فلا يغني أحدهما عن الآخر، كما سيتّضح في طيّات البحث، وهي ليست كائنا معجميا، إذ يتبين لقارئ القرآن أنها تمتاز بدلالة جديدة يضفيها الموضوع على حياد المعجم.
أما المراد ب «جمالية المفردة»، فنقصد به الجمال الموضوعي الذي ينشأ من أجزاء الموضوع الجميل وتركيبه، وهو موضوعي لأنه يستند إلى فن الأدب وطبيعة النفس البشرية، فجمال المفردة في هذا البحث موضوعي لأنه واضح الأسباب ويعتمد على جزئيات المفردات.
أي أن المراد القيمة الفنية للمفردة في سياق البلاغة القرآنية، واستقلالها بأهمية كبيرة في مجال التأثير الوجداني.
فهو جمال حسي بصري يبين أثر الكلمة المفردة في توصيل الصورة الفنية إلى الذهن، ويشمل تجسيم المعنويات وتشخيص الأشياء، وبثّ الحركة والحيوية في الصورة.
وهو جمال حسي سمعي يبيّن جوانب موسيقية في المفردة، من حيث وقع حروفها وصفات هذه الحروف، وملاءمتها للمقام، وما تمتعت به المفردة من مدود وحركات.
كما أنه جمال نفسي للقلب فيه النصيب الأكبر في تلقّيه، وهذا الجمال ينشأ من علاقة المفردة بالموضوع أي علاقة الدال بالمدلول، وتفردها بالموضوع واستيعابها له، واتسامها بالغاية القصوى في التأثير من خلال صيغتها، وظلالها الخاصة في القرآن، وإيجازها للمعاني الكثيرة، ورفعتها في مخاطبة الإنسان، وهكذا نجد أن جمال المفردة القرآنية تصويري وصوتي وفكري معنوي.
ويعني «الجماليّ» في دراسات علم الجمال الظواهر الجميلة والقبيحة، وما يتفرّع عنهما من قيم إنسانية، إن في الحياة، أو في الفن، وقد درجت دراسات فنية على استعمال صيغة «جمالية» التي تجمع على جماليات، فقالوا: