الْمَنْفُوشِ «١»، والعهن هو الصّوف، فانظر ما بين العهن والصّوف من التفاوت في الذوق والرقة والرشاقة» «٢».
ولا بدّ من الإشارة هنا إلى أن دلالة العهن لا تنطبق على دلالة الصّوف، لأن العهن صوف ملوّن مندوف، واختياره في الآية أليق بتصوير تخلخل الجبال يوم القيامة، ولم يشر العلويّ إلى أهمية مدّ الألف في «أصوافها»، أما الرافعي فهو يعترف ضمنا به من خلال إشارته إلى عدم وجود فاصل بين اللام والباء في كلمة «لبّ».
ويبدو أنّ توالي انضمام الشفتين، مرة عند نطق حرف المدّ الواو، وأخرى عند نطق الفاء،- وهي المحطة- دلّه على جمال الجمع، فالفاء حرف شفوي تنكمش الشّفاه عند لفظه، وقد تكرّر هذا الانكماش في مدّ الواو وفي الفاء، ولعلّ هذا يدور في ذهن الباحث القديم الذي نوّه به، وكان مغلّفا بحاجز من مصطلح الذّوق أو الرّشاقة أو الرّقّة، على أن القرآن ذكر كلمتي «معروف» و «رءوف» قال تعالى: وَعاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ «٣»، ووَ اللَّهُ رَؤُفٌ بِالْعِبادِ «٤»، ومما يدلّ على جزئية النظرة السابقة.
والألف بعد هذا تكون قد أبعدت الثّقل، ومما لم يذكره العلوي وزن هذه الكلمة، فهو يتكاتف مع وزن سائر الكلمات القريبة، ليشكّل إيقاعا جميلا، فالكلمات القريبة الثلاث على وزن «أفعال»، والألف وسط كلمة «أثاثا».
ومن المرجّح أن تصل جذور هذه الخاصيّة الفنية إلى الجاحظ، وربّما كانت عند سابقيه أيضا، ذلك لأن الذوق ينفر مما ينبو على اللّسان، ويستهجن المرء كل ثقيل بطبعه حتى يصبح هذا الاستثقال فنا، وأصلا لغويا مستمرا.
ويمكن أن يكون صاحب الطراز قد اتكأ على الجاحظ الذي لفت نظرنا إلى أن القرآن يذكر السّمع، ولا يذكر الأسماع، ويذكر الأرض ولا يذكر
(٢) العلوي، يحيى، الطّراز: ٣/ ٤٨.
(٣) سورة النساء، الآية: ١٩.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ٣٠.