الْحَيُّ الْقَيُّومُ «١»، فإنه أبلغ من قائم، ونحو قوله: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ، وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ «٢»، فإنّ فعّالا أبلغ من فاعل، ومتطهّر أبلغ من طاهر، لأن التّواب هو الذي تتكرر منه التوبة مرة بعد أخرى، وهكذا المتطهّر فإنه الذي يكثر منه فعل الطّهارة مرة بعد مرة» «٣».
وهكذا نجد أن جمال الصيغة يقتصر على الكثرة، وأن الربط بين كثرة الحروف وكثرة المعنى مسألة قرّرها رجال اللغة، كما مرّ بنا حول تضعيف العين من الفعل، كما أن دلالة صيغة المبالغة معروفة، وكان بإمكان يحيى العلوي أن يشير إلى الدافع الذاتي في فعل التّطهّر، وحبّ المبادرة إلى فعل الخيرات.
ونجد المنهج نفسه عن ابن قيّم الجوزية «٤» الذي يذكر قوله تعالى:
اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً «٥» وقوله: وَكانَ اللَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ مُقْتَدِراً «٦» ويضع مثل هذين الشاهدين تحت عنوان «الزيادة في البناء»، ويعرّف هذا الباب قائلا: «وهو أن يقصد المتكلم معنى يعبّر عنه لفظتان إحداهما أزيد من الأخرى، فيذكر التي تزيد حروفها عن الأخرى قصدا منه إلى الزيادة في المعنى، فإنّ اعشوشب واخشوشن في المعنى أكثر وأبلغ من خشن وأعشب، ولهذا وقعت الزيادة بالتّشديد أيضا، فإنّ ستّارا أبلغ من ساتر، وغفّارا أبلغ من غافر» «٧».
وهذا الاقتضاب نجده عند الزركشي الذي ينقل شواهد سابقيه، مع تعليق بسيط، فهو يقول: «واعلم أنّ اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان، ثم نقل إلى
(٢) سورة البقرة، الآية: ٢٢٢.
(٣) العلوي، يحيى بن حمزة، الطّراز: ٢/ ١٦٣.
(٤) هو محمد بن أبي بكر دمشقي المولد تتلمذ لابن تيميّة، فقيه مفسّر توفي في دمشق سنة ٧٥٠ هـ، ومن كتبه «زاد المعاد» و «أخبار النساء» و «الفوائد» و «التبيان في أقسام القرآن» و «عدة الصابرين» وغيرها، انظر الأعلام: ٣/ ٨٧١.
(٥) سورة نوح، الآية: ١٠.
(٦) سورة الكهف، الآية: ٤٥.
(٧) ابن قيم الجوزية، الفوائد، ص/ ١٠٦.