لَهُ وَلَدٌ، وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ، وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ «١» فقد ذكر كلمة «صاحبة» لتدل على المصاحبة المؤقّتة بين الرجل والمرأة في الدنيا، وقصر فترتها، ولله الزّمن المطلق ولم يقل: زوجة، لأنها ربما أوحت إلى النفس بتفاصيل حسية، تبارك وتعالى الله عن هذه الطبائع البشرية.
وقد تجلّت السمة الأخلاقية في سورة يوسف في غايتها الكليّة المستمدة من سيرة هذا النبي، وفي انتقاء المفردات المعبرة عن محنته، فعلى لسان زوجة الملك يقول تعالى: وَلَقَدْ راوَدْتُهُ عَنْ نَفْسِهِ فَاسْتَعْصَمَ، وَلَئِنْ لَمْ يَفْعَلْ ما آمُرُهُ لَيُسْجَنَنَّ «٢» ويتضح طابع التهذيب والسّمو في الاكتفاء بظلال كلمة «يفعل» وكلمة «ما آمره» بهاتين الكلمتين تم التعبير عن شهوة عارمة، وهذا يتمشّى وطابع الدين الإسلامي الذي يدعو إلى تهذيب الغرائز وتوجيهها، والحدّ من فاعليّتها، وليس قتلها، وكذلك يكمن هدف القصة القرآنية في الموعظة والاعتبار، ولا حاجة لتصوير يخدم الفنّ لأجل الفنّ.
ولا بأس أن نتأمل جمال التعبير عن الجماع في قوله عزّ وجلّ: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ، وَجَعَلَ مِنْها زَوْجَها، لِيَسْكُنَ إِلَيْها، فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً «٣»، وفيه نؤكد أنّ التعبير أبعد كلمة جامعها أو ضاجعها، وإذا أردنا أن نعود إلى الأصل اللغوي، كما صنع الزركشي نصل إلى دلالات رفيعة، فالكلمة تعني التّغطية، فكأن الرجل غطاء للمرأة، وهذا يدل على رضاها التام، فلا ترى غيره، وهذا هو المثل الأعلى للحبّ الزّوجي والإنجاب وعمارة الأرض، والسكينة شرط أساسي في حياة الرجل والمرأة، لذلك ذكر الراحة النفسية أولا.
ولم ينظر المحدثون إلى جمال الرموز في الأمور الجنسية، وكأنما وجدوا ما هو كفاية في كتب سلفهم، وقد قدّموا أفكارا جديدة في المجالات الأخرى من الحياة.
وهنالك كتاب «قصص القرآن» لأحمد موسى سالم يقول فيه عن أمور
(٢) سورة يوسف، الآية: ٣٢.
(٣) سورة الأعراف، الآية: ١٨٩.