متينة، وفي الشعر ركيكة ضعيفة، فأثر التركيب فيها هذين الوصفين الضدين، فأما الآية فهي قوله تعالى: فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وَلا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ وَاللَّهُ لا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ «١»، وأما بيت الشعر فهو قول أبي الطيب المتنبي:

تلذّ له المروءة وهي تؤذي ومن يعشق يلذّ له الغرام
وهذه اللفظة التي هي «تؤذي» إذا جاءت في الكلام، فينبغي أن تكون مندرجة مع ما يأتي بعدها متعلقة به» «٢».
وقد أتت الكلمة عند أبي الطيب عروضا للبيت، فهنالك وقفة، وقد تحدث ابن الأثير عن هذه الميزة في فصل جمال المفردة على الرغم من تعلق كلمة تؤذي بما بعدها، كما يقرّ هو. وقد اقتبس الشاهد مع موافقته في الرأي بعض المحدثين «٣»، وهم ممن نقدوا الجرجاني.
وقد وردت مآخذ كثيرة على الجرجاني، بل اقترح عليه محمد رجب البيومي اقتراحا أن يدخل جمال المقطع واللفظ مستعينا بشواهد الجرجاني نفسها أحيانا «٤».
وهذا يدلّ على شدة الهجوم على نظرية الجرجاني أو شدة تمسكه بمعاييرها التي تبعد جمال المفردة، إذ لا يليق أن يقترح معاصر على أديب قديم ما يراه بعد هذه الفترة الطويلة.
ومنهم من نقده بطرح بدائل للكلمات، ومنهم من جعل عماد دراسته ردا ضمنيا عليه، كعائشة عبد الرحمن، ولم تقدم كلّ ما هو جديد، إنما اتسمت
(١) سورة الأحزاب، الآية: ٥٣.
(٢) ابن الأثير، ضياء الدين نصر الله بن محمد، ١٩٥٩، المثل السائر، ط/ ١ تح:
محمد محيي الدين عبد الحميد، مطبعة مصطفى البابي، القاهرة:
١/ ١٤٥ - ١٤٦، وانظر المتنبي، أبو الطيب أحمد بن الحسين، العرف الطيب، ط/ ٢، شرح ناصيف اليازجي، دار القلم، بيروت، ص/ ٩٨.
(٣) انظر مثلا البيومي، د. محمد رجب، ١٩٧١، خطوات في التفسير، ط/ ١، دار النصر، القاهرة ص/ ٢٤٠.
(٤) انظر البيومي، خطوات في التفسير، ص/ ٢٢٥.


الصفحة التالية
Icon