والمقارنة بين الألفاظ- فيما يريد السيوطي- هي البحث في المادة الصوتية لألفاظ متقاربة المعاني، فيفضّل ما هو أفصح، وأحق بالموضوع، وأحلى نغما، وهذا متحقّق في القرآن الكريم بجانبيه: الشكل والمضمون، وسنقع على تأملات للسيوطي وغيره في تطبيقات نسردها في مكانها تعدّ بمنزلة إضافات جمالية إلى نظرية النظم.
إن الجرجاني كان مدركا للجماليات التي تتضمنها المفردة، وقد تجاوزها على أنها مرحلة أولى تسبق النظم أو تتبعه، وصبّ عنايته على النّسق الكلي، وله عبارات تدلّ على اعترافه بقيمة الكلمة المفردة، لكنه يعبّر عن ذلك بقوله:
«في مكانها» وهو يقترب قليلا مما نبتغي منه، يقول عن آية سورة هود: «إن شككت فتأمل! هل ترى لفظة منها، بحيث لو أخذت من بين أخواتها، وأفردت، لأدّت من الفصاحة ما تؤدّيه، وهي في مكانها من الآية؟ قل «ابلعي» واعتبرها وحدها من غير أن تنظر إلى ما قبلها وإلى ما بعدها. وكذلك فاعتبر سائر ما يليها» «١».
وعبد القاهر عند ما يقول إن الكلمة المفردة ليست بليغة فهو لا ينفي عنها فصاحتها وهذا يعني إدراكه لجمال شكلها، وهذه التفرقة لم ينتبه إليها المعاصرون، ولهذا وصمه بعضهم بالتناقض، فحاربوه في معركة لم يكن موجودا فيها، والكلمة وحدها لا تكون بليغة، ونحن معه في هذا الرأي، وجمال النظم يضيف إليها من المحاسن الكثير بعد الجمال في دقة الاختيار، فيجب ألا نتجنب السياق الذي يشتمل على المفردات.