يجتمع للغة سامية أخرى» «١».
وهكذا تتسع الدائرة من مجال اللغات العربية كما عهدنا عن القدامى لتشمل اللغات السامية ولم يكن من داع لهذا الاتساع، إلا أن الباحث لم يتطرّق لمفردات القرآن.
ووضع صبحي الصالح كتابا بعنوان «مباحث في علوم القرآن»، وتعرّض فيه للإعجاز البياني، وفي كتابه «دراسات في فقه اللغة» يؤكد فكرة الترادف في سياق الآيات القرآنية، وكأنما لم يتمكن له النظر إلى سياق القرآن الذي تفردت فيه كل كلمة بمعناها الخاص.
وهو يعزو سبب الترادف إلى اختلاف لهجات العرب أو لغاتهم على الأصحّ ثم تعايش هذه اللغات، مما يدعو إلى استعمال كلا المفردتين، والقرآن في رأيه يؤكّد هذا، فقد جاء في كتابه: «إن خفاء الواضعين حين لم يمنع اشتهار الوضعين قد زاد من ثروة اللغة المثالية حتما... وعلى هذا الأساس نقرّ بوجود الترادف في القرآن الكريم، لأنه نزل بلغة قريش المثالية، يجري على أساليبها وطرق تعبيرها، وقد أتاح لهذه اللغة طول احتكاكها باللهجات العربية الأخرى باقتباس مفردات تمتلك أحيانا نظائرها» «٢».
وسائر دارسي الإعجاز على خلاف منه، وقد قدم شواهد قرآنية تدعم رأيه، ومن هذه الشواهد استعمال القرآن للفعلين: أقسم وحلف، فهو يرى أنهما لغتان عربيتان مدلولهما واحد.
وندفع هذه المقولة بالرجوع إلى السياق الخاص للقرآن، يقول عزّ وجلّ:
يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ ما قالُوا، وَلَقَدْ قالُوا كَلِمَةَ الْكُفْرِ «٣»، وقد ذكر الحلف مختصا بالكذب والمنافقين، أما القسم فقد خصّ بالصدق والمؤمنين، يقول تعالى:

(١) الوافي، د. علي عبد الواحد، ١٩٥٦، فقه اللغة، ط/ ٤، لجنة البيان العربي، القاهرة، ص/ ١٦٢.
(٢) الصالح، د. صبحي، ١٩٦٢، دراسات في فقه اللغة، ط/ ٢، المكتبة الأهلية، بيروت، ص/ ٣٤٧.
(٣) سورة التّوبة، الآية: ٧٤.


الصفحة التالية
Icon