وظنَّ هؤلاء العُصاة أن الله لن يأخذهم بالعذاب جزاء عصيانهم وعُتُوِّهم، فمضوا في شهواتهم، وعمُوا عن الهدى فلم يبصروه، وصَمُّوا عن سماع الحقِّ فلم ينتفعوا به، فأنزل الله بهم بأسه، فتابوا فتاب الله عليهم، ثم عَمِي كثيرٌ منهم، وصمُّوا، بعدما تبين لهم الحقُّ، والله بصير بأعمالهم خيرها وشرها وسيجازيهم عليها.
(١٠) فِتْنَةٌ = مؤاخذة أومحاسبة
وقال تعالى: في سورة الأنعام
﴿ثُمَّ لَمْ تَكُن فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَن قَالُواْ وَاللهِ رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشْرِكِينَ﴾
الآية ٢٣
ثم لم تكن إجابتهم حين فتنوا واختبروا بالسؤال عن شركائهم إلا أن تبرؤوا منهم، وأقسموا بالله ربهم أنهم لم يكونوا مشركين مع الله غيره.
(١١) فِتْنَتُهُمْ = إجابتهم
وقال تعالى:
﴿وَكَذَلِكَ فَتَنَّا بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لِّيَقُولواْ أَهَؤُلاء مَنَّ اللهُ عَلَيْهِم مِّن بَيْنِنَا أَلَيْسَ اللهُ بِأَعْلَمَ بِالشَّاكِرِينَ﴾
الآية ٥٣
وكذالك ابتلى الله تعالى بعض عباده ببعض بتباين حظوظهم من الأرزاق والأخلاق، فجعل بعضهم غنيًّا وبعضهم فقيرًا، وبعضهم قويًّا وبعضهم ضعيفًا، فأحوج بعضهم إلى بعض اختبارًا منه لهم بذلك; ليقول الكافرون الأغنياء: أهؤلاء الضعفاء مَنَّ الله عليهم بالهداية إلى الإسلام مِن بيننا؟ أليس الله تعالى بأعلم بمن يشكرون نعمته، فيوفقهم إلى الهداية لدينه؟
(١٢) فَتَنَّا = أغرينا
وقال تعالى: في سورة الأعراف
﴿يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ﴾
الآية ٢٧