وهو المعجزة العظمى، والحجة البالغة الكبرى الباقية على مر الدهر لرسول البشرية سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، تحدى به الإنس والجن كافة أن يأتوا بمثله أو ببعضه، فباءوا بالعجز والبهر، قال عز شأنه: قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هذَا الْقُرْآنِ لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً (٨٨) «١». فما أجدر الأعمار أن تفنى فيه، والأزمان أن تشتغل به.
وأشكر الله سبحانه وتعالى على نعمته العظمى بأن حقق لي أملا كبيرا كان يملأ نفسي وهو أن أحيا في رحاب كتاب الله تاليا متدبرا، ودارسا متأملا، وذلك بعد أن تم اختياري لهذا الموضوع وبعد استخارة الله تعالى، واستشارة أهل العلم والفضل، وبعد موافقة لجنة الدراسات العليا في كلية العلوم الإسلامية مشكورة على هذا الموضوع الذي هو (جمع القرآن دراسة تحليلية لمروياته)، والذي شجعني على ذلك أكثر أن هذا الموضوع- بحسب علمي- لم تكتب فيه مسبقا رسالة جامعية، فوجدت في نفسي رغبة ملحة تدفعني إلى الكتابة فيه، خدمة لكتاب الله الذي فيه عزنا وسؤددنا وبه صلاح البلاد والعباد.
والبحث في هذا الموضوع له أهمية كبرى ولا سيما أنه يتعلق بالدراسات القرآنية في هذا العصر خاصة، عصر مواجهة التحديات وصراع العقائد والأفكار، والحرب على الإسلام والمسلمين قائمة على قدم وساق، وقد اختلطت الرايات وكثرت الشعارات، فما أحرانا أمة التوحيد أن نرفع راية القرآن التي لا تهزم، وأن نقاتل بسيف الإسلام الذي لا يثلم.. فقرآننا هو الحل الحتمي لمشكلات عصرنا.
فلا عجب أن نجد لدى الصدر الأول فمن بعدهم العناية الكبيرة والاهتمام الأكبر للقرآن الكريم على مر العصور والأزمان، منذ زمن الرسول صلى الله عليه وسلم

(١) سورة الإسراء: الآية (٨٨).


الصفحة التالية
Icon