وهو حديث رجاله ثقات، مع انقطاعه، قال ابن حجر: (المراد بالشاهدين الحفظ والكتابة) «١».
وقال السخاوي في جمال القراء: إن المراد بهما رجلان عدلان إذ يقول ما نصه: (المراد أنهما يشهدان على أن ذلك المكتوب كتب بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) «٢». ولذلك قال في الحديث الذي رواه البخاري والذي ذكر سابقا: أنه لم يجد آخر سورة براءة إلا مع أبي خزيمة، أي لم يجدها مكتوبة إلا مع أبي خزيمة الأنصاري، مع أن زيدا كان يحفظها، وكان كثير من الصحابة يحفظونها، ولكنه أراد أن يجمع بين الحفظ والكتابة زيادة في التوثق، ومبالغة في الاحتياط، واتبع زيد بن ثابت وأعضاء اللجنة معه هذه الطريقة الدقيقة المحكمة لجمع القرآن «٣».
وقد استغرق إنجاز ذلك العمل ما يقرب سنة، فقد كان بين غزوة اليمامة- التي وقعت في الأشهر الأخيرة من السنة الحادية عشرة أو الأولى من السنة الثانية عشرة «٤» - وبين وفاة الصديق رضي الله عنه التي كانت في جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة للهجرة «٥».
ولا شك في أنه اكتمل العمل قبل وفاة الصديق إذ أن الروايات تشير إلى أن الصحف أودعت عنده بقية حياته، ثم أخذها عمر بعده، فكانت عنده محروسة معظمة مكرمة، فلما مات كانت عند حفصة أم المؤمنين، لأنها كانت وصيته من أولاده على أوقافه وتركته، حتى أخذها أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، لتكون رهن تصرفه «٦».
(٢) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٢٥٢.
(٣) فتح الباري: ٩/ ١٨؛ وينظر: مناهل العرفان: ١/ ٢٥٢.
(٤) تاريخ الطبري: ٣/ ٣٤٣.
(٥) المصدر نفسه: ٣/ ٤١٩.
(٦) ينظر: فضائل القرآن لابن كثير: ١٧؛ ورسم المصحف، د. غانم قدوري: