أما خزيمة: فهو ابن ثابت ذو الشهادتين «١».
قال أبو شامة: خزيمة بن ثابت بن الفاكه من الأوس، شهد أحدا وما بعدها، وقتل يوم صفين، وقيل غير ذلك «٢»، وقد صرح الإمام البخاري به عند الحديث عن آية الأحزاب، كما جاء في الصحيح: عن خارجة بن زيد: أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: (نسخت الصحف في المصاحف ففقدت آية من سورة الأحزاب، كنت أسمع رسول الله ﷺ يقرأ بها، فلم أجدها إلا مع خزيمة بن ثابت الأنصاري الذي جعل رسول الله ﷺ شهادته شهادة رجلين... ) الحديث «٣».
وقوله- في أصل الحديث الثالث-: (لم أجدها مع أحد غيره) - والحديث عن الآية التي في نهاية سورة التوبة-: أي لم يجدها مكتوبة، وكان زيد بن ثابت لا يكتفي بالحفظ دون الكتابة، ولا يلزم من عدم وجدانه إياها حينئذ أن لا تكون تواترت عند من لم يتلقاها من النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما كان زيد رضي الله عنه يطلب التثبت عمن
تلقاها بغير واسطة، ولعلهم لما وجدها زيد عند أبي خزيمة تذكروها كما تذكرها زيد رضي الله عنه «٤».
قال الخطابي: هذا مما يخفى معناه، ويوهم أنه كان يكتفي في إثبات الآية

(١) فتح الباري: ٩/ ١٨.
(٢) المرشد الوجيز لأبي شامة المقدسي: ٥١.
(٣) صحيح البخاري بشرح فتح الباري، كتاب الجهاد، باب قول الله عز وجل: مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ... [سورة الأحزاب، الآية (٢٣)]، رقم (٢٨٠٧): ٦/ ٢٦. وسيأتي الحديث وذكر هذه الرواية كاملة في الفصل القادم، وذلك لأن في هذه الرواية (نسخت الصحف في المصاحف). ونسخ الصحف في المصاحف هو في زمن سيدنا عثمان رضي الله عنه، وليس في زمن الصديق رضي الله عنه، فسأذكرها هناك إن شاء الله تعالى.
(٤) فتح الباري: ٩/ ١٨.


الصفحة التالية
Icon