لما أخبروني عن نصفه، فإذا هو الفاء من قوله في الكهف وَلْيَتَلَطَّفْ «١») «٢».
أما أطول الآيات فآية الدين، وأطول السور سورة البقرة، وهذه التجزئة تيسر على الناس الحفظ وتحملهم على الدراسة، وتشعر القارئ لسورة من السور بأنه قد أخذ قسطا وافيا وطائفة مستقلة من أصول دينه وأحكام شريعته «٣».
وسبب هذا الاختلاف: أن النبي ﷺ كان يقف على رءوس الآي، تعليما لأصحابه أنها رءوس آي، حتى إذا علموا ذلك وصل ﷺ الآية بما بعدها طلبا لتمام المعنى، فيظن بعض الناس أن ما وقف عليه النبي ﷺ فاصلة، فيصلها بما بعدها معتبرا أن الجميع آية واحدة، والبعض يعتبرها آية مستقلة، فلا يصلها بما بعدها، وقد علمنا أن الخطب في ذلك سهل، لأنه لا يترتب عليه في القرآن زيادة ولا نقص «٤».
أما حكم ترتيب السورة والآيات القرآنية:
بالنسبة للآيات، فقد انعقد الإجماع على أن ترتيب آيات القرآن على هذا النمط الذي نراه اليوم بالمصاحف، كان بتوقيف النبي ﷺ عن الله تعالى «٥».
وأنه لا مجال للرأي والاختيار فيه، بل كان جبريل ينزل بالآيات على الرسول صلّى الله عليه وسلّم ويرشده إلى موضع كل آية من سورتها، ثم يقرأها النبي ﷺ على أصحابه، ويأمر كتاب الوحي بكتابتها معينا لهم السورة التي تكون فيها الآية، وموضع الآية من هذه السورة، وكان ﷺ يتلوه عليهم في صلاته وعظاته، وفي حكمه
(٢) البرهان: ١/ ٢٤٩؛ وينظر: موجز علوم القرآن، د. داود العطار: ١٨٠.
(٣) ينظر: المباحث لمناع القطان: ١٤٦.
(٤) ينظر: البرهان: ١/ ٢٥١ - ٢٥٢؛ مناهل العرفان: ١/ ٣٤٤.
(٥) مناهل العرفان: ١: ٣٤٦؛ وينظر: مباحث في علوم القرآن، د. صبحي الصالح: ٧٠.