المبحث الأول جمعه في الصدور
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: كيفية تلقي الرسول ﷺ القرآن:
كان رسول الله ﷺ مولعا بالوحي، يترقب نزوله عليه بشوق، فيحفظه، ويفهمه. وإن الكيفية التي كان ينزل بها الملك جبريل عليه السلام على النبي ﷺ بالقرآن من الأمور الغيبية التي لا تعرف إلا عن طريق القرآن أو الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن التلقي عن الله مباشرة ليس في مستطاع الإنسان، فلا يمكن أن يتحقق إيصال المعرفة الإلهية إلى البشر إلا بأحد الطرق الثلاثة «١» التي أشار إليها القرآن الكريم، كما في قوله تعالى:* وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ (٥١) «٢».
معنى الوحي في اللغة والشرع:
أما في اللغة: فقد قال ابن منظور: هو إعلام في خفاء، ولذلك صار الإلهام يسمى وحيا «٣». وقال الراغب الأصفهاني: أصل الوحي الإشارة السريعة «٤». وإن السرعة والخفاء من سمات الوحي ومزاياه. وقال الآلوسي:
(٢) سورة الشورى، الآية (٥١).
(٣) ينظر: لسان العرب لمحمد بن منظور الإفريقي المصري، مادة (وحي): ٤/ ٢٠٠.
(٤) ينظر: المفردات في غريب القرآن: ٨٥٨؛ وينظر: تاج العروس من جواهر القاموس، لمحمد مرتضى الزبيدي: ١٠/ ٣٨٤.