حفصة أم المؤمنين أن ترسل إليه بالصحف التي عندها مما جمعه أبو بكر الصديق رضي الله عنه، وليكتب ذلك في مصحف واحد، ثم يرد تلك الصحف إلى حفصة رضي الله عنها.
والصحف هي: الأوراق المجردة التي جمع فيها القرآن في عهد أبي بكر، وكانت سورا مفرقة، كل سورة مرتبة بآياتها على حدة، لكن لم يرتب بعضها إثر بعض، فلما نسخت ورتب بعضها إثر بعض صارت مصحفا «١».
قوله: (فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصحف)، فجلس هؤلاء النفر يكتبون بالقرآن نسخا. وفي رواية أخرى من طريق محمد بن سيرين: (جمع عثمان اثني عشر رجلا من قريش والأنصار، منهم أبي بن كعب... ) «٢»، وإذا اختلفوا في موضع الكتابة على أي لغة رجعوا إلى عثمان رضي الله عنه مثلما اختلفوا في (التابوت) أيكتبوه بالتاء أو الهاء؟ فكتبوه بالتاء بعد أن رجعوا إلى عثمان رضي الله عنه، قال: اكتبوه بلغة قريش «٣».
وقد بينا في المبحث الأول من هذا الفصل عدد المصاحف التي أرسلها سيدنا عثمان رضي الله عنه إلى الآفاق، وأمره رضي الله عنه بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق.
ثانيا:
حدّثنا موسى بن إسماعيل. حدّثنا إبراهيم بن سعد. حدّثنا ابن شهاب:
أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت: أنّه سمع زيد بن ثابت رضي الله عنه يقول: (فقدت

(١) ينظر: مناهل العرفان: ١/ ٢٥٥.
(٢) فتح الباري: ٩/ ٢٢.
(٣) كتاب المصاحف: ١/ ٢٢١؛ وسيأتي دراسة هذه الرواية وبيان إسنادها في هذا المبحث.


الصفحة التالية
Icon