عثمان بن عفان أقبل إلى القرآن في خلافته، فقسمه إلى سور وآيات، ورتب السور وراء بعضها حسب طولها، فأطولها أولا ثم ما دونها طولا وهكذا) «١».
أما المستشرق بلاشير فزعم: (أن إعادة ترتيب السور الذي اقترحه فولدكه ومدرسته ينال هنا كامل أهميته أنه يلقي على المصحف أضواء مطمئنة ويرد وضع النصوص إلى آفاق سهلة الإدراك، لكونها مقرونة إلى السياق التاريخي المعقول) «٢».
أما المستشرق ريجرد بيل، فقد ذهب أبعد من بلاشير ونولدكه حينما زعم: (أن الترتيب الحالي والمعروف لدى المسلمين ترتيب خاطئ، وضع كيفما اتفق، فسور وآيات وضعت في الآخر، وكان عليها أن تكون في الأول، والعكس صحيح) «٣».
وما هذه الأقوال إلا ادعاءات وافتراءات ومزاعم مخالفة للحقيقة والواقع، وليس هناك أدنى دليل في دعمها وتبريرها، فها هو دأب المستشرقين لم يتركوا جانبا من الجوانب المتعلقة بالقرآن الكريم إلا وقد وجهوا مطاعنهم إليه، لذا كان أمرا طبيعيا لهم أن يطعنوا في ترتيب الآيات والسور في المصحف العثماني، ظنا منهم أنه تم باجتهاد جامعيه.
فيما يتعلق بهذا الأمر، فقد عقدت مطلبا خاصا في الفصل الثالث حول ترتيب الآيات والسور «٤»، ولا أريد أن أكرر ما ذكرت، ولكن أقول باختصار:
إن ترتيب الآيات في السور هو بتوقيف من النبي صلّى الله عليه وسلم، وبتوجيه من الوحي، لأن
(٢) كتاب القرآن لريجي بلاشير: ٤٣.
(٣) المستشرقون والقرآن الكريم لمحمد بهاء الدين: ٢١٧ نقلا عن مجلة كلية أصول الدين، الرياض، العدد ٧٥.
(٤) ينظر: المطلب الخامس من المبحث الأول من الفصل الثالث من هذا الرسالة.