خامسا: مع أن النبي ﷺ كان أميا- وأميته فضيلة ودليل صدق على نبوته- وبعث في أمة أمية صدورها سجلات حياتها فقد عوضها الله تعالى عن القراءة والكتابة بصدور حفظت للأمة كل ما روي عن رسول الله ﷺ من مرويات، سواء ما كان متعلقا بالوحي المكتوب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، أو غير المكتوب عن المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى، الذي أضاف إلى جمع القرآن في الصدور للتأكيد على كتابته في السطور ولعل هذا يشير إلى بعض سر تسمية كلام الله بالقرآن وبالكتاب.
سادسا: حرص الصحابة الكرام على حفظ دستور الأمة من الضياع أثمر أروع عمل عرفه التاريخ لخدمة القرآن، وذلك بمشورة واقتراح عمري، وبإشراف من خليفة رسول الله ﷺ أبي بكر الصديق، وبتنفيذ زيد بن ثابت، وبمعاونة وإقرار الصحابة الكرام رضي الله عنهم أجمعين، وإجماع الأمة عليه دون نكير، فجمع القرآن بهذا العمل المبارك.
سابعا: حب الخليفة الراشد الثالث سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه وحرصه على توحيد الأمة بتوحيد دستورها، وجمعها على مصحف واحد، وهو المصحف الإمام، الذي اقترن باسمه، مصحف عثمان. فتم هذا العمل الخالد باقتراح من حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، وبلجنة رباعية برئاسة زيد بن ثابت رضي الله عنه، ولعل سيدنا عثمان أمدّ اللجنة بعدد آخر من الصحابة لمساعدتها في نسخ المصاحف وتوحيدها، حتى أصبحت اللجنة عشرية، وبإشراف مباشر منه رضي الله عنه وأرضاه.
ثامنا: نتيجة لدراستي لهذه الروايات دراسة عميقة، فقد تحصل لدي تسعا وأربعين رواية من غير المكرر منها، وما عدا ما تفرع منها من أسانيد، فكان خمس عشرة رواية صحيحة وست روايات طرق إسنادها حسن،