على رسول الله ﷺ أو كتبها، ثم خرج في سرية مثلا ونزلت في وقت غيابه سورة أخرى، فإنه كان إذا رجع يأخذ في حفظ ما ينزل بعد رجوعه وكتابته، فيستدرك ما كان يفوته في غيابه «١».
وهكذا فقد ظل القرآن يكتب في حياة رسول الله ﷺ على القطع المتفرقة، دون أن يجمع ويكتب على الصورة التي نجدها للمصحف اليوم، وتأكيدا لما ذكرنا، فقد روى الطبري في تفسيره عن محمد بن شهاب الزهري أنه قال: (قبض النبي ﷺ ولم يكن القرآن جمع في شيء، وإنما كان في الكرانيف والعسب) «٢».
وقد ذكر ابن عبد البر ووافقه ابن حجر والسيوطي أن القرآن كان مكتوبا ومجموعا، ولكن في الصحف والألواح والعسب، قال في الاستيعاب:
(وكان القرآن مجموعا في عهد النبي ﷺ ولكنه لم يكن في مصحف واحد، بل كان في صدور الرجال وفي العسب واللخاف والرق وأكتاف الإبل وما إلى ذلك) «٣».
وقال ابن حجر: (إن القرآن كان كله قد كتب في عهد النبي ﷺ في الصحف والألواح والعسب، لكن غير مجموع في موضع واحد، ولا مرتب) «٤».
وجاء في الإتقان: (وإنما لم يجمع في مصحف منظم في حياة رسول الله ﷺ لأن القرآن كان ينزل مفرقا، ولأن السورة ربما نزل بعضها ثم تأخر نزول
(٢) جامع البيان (تفسير الطبري) ١/ ١٨. والحديث إسناده حسن؛ ينظر تخريجه في المبحث الثالث من هذا الفصل: ٨٦.
(٣) الاستيعاب في معرفة الأصحاب لابن عبد البر: ١/ ٥٣٣.
(٤) فتح الباري: ٩/ ١٥.