وأيا كان الأمر، فإن المصادر تشير إلى أن عدد الكتاب تراوح بين ستة وعشرين وثلاثة وأربعين كاتبا «١»، وكانوا يتناوبون على الكتابة، وكان أكثرهم مداومة على كتابة الوحي زيد بن ثابت رضي الله عنه بعد الهجرة، ومعاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه بعد الفتح.
ولم يكن جميع الكتاب يكتبون الوحي، والواقع أن هذه المسألة مهمة جدا في معرفتها «٢».
ويفهم من هذه النصوص، ونصوص أخرى: أن كتاب الوحي المعتمدين هم: عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، وأبي بن كعب، وزيد بن ثابت رضي الله عنهم، وإن غاب هؤلاء تولى الكتابة من حضر من الكتاب وهم:
معاوية بن أبي سفيان، وخالد بن سعيد، وأبان بن سعيد، والعلاء بن الحضرمي، وحنظلة بن الربيع رضي الله عنهم. وكان عبد الله بن سعد بن أبي سرح يكتب الوحي ثم ارتد عن الإسلام، ثم رجع إلى الإسلام يوم فتح مكة وحسن إسلامه.
هؤلاء هم الذين أشارت المصادر إلى أنهم كتبوا الوحي، وكان حنظلة بن الربيع خليفة كل كاتب من كتابه ﷺ إذا غاب عن عمله «٣».
ويتضح لدى الاستقراء أن ثمة تخصصا كان موجودا في الكتابة والكتّاب. وهذا لا يعني ضرورة أن ينفرد كاتب كخالد بن سعيد بن العاص أو حنظلة الأسيدي بالكتابة بين يديه ﷺ في سائر ما يعرض من أمور «٤»، علما أن
(٢) ينظر: مجلة المؤرخ العربي العدد ٤ لسنة ١٩٧٧ م، مقالا للدكتور شاكر محمود عبد المنعم: ١٧٤ - ١٧٥.
(٣) ينظر: التراتيب الإدارية ١/ ١١٨؛ ومراحل كتابة القرآن الكريم وجمعه، مقال كتبه محمود شكر محمود الجبوري في مجلة دراسات إسلامية، يصدرها بيت الحكمة، العدد السادس من السنة الثانية (١٤٢٢ هـ/ ٢٠٠١ م): ٧.
(٤) التنبيه والإشراف: ص ٢٤٥؛ وينظر: مجلة المؤرخ العربي، كتاب النبي صلى الله عليه وسلم: ١٧٧.