شداد بن معقل: أترك النبي ﷺ من شيء؟ قال: ما ترك إلا ما بين الدفتين، قال: ودخلنا على محمد ابن الحنفية فسألناه، فقال: ما ترك إلا ما بين الدفتين) «١».
دلالة الحديث:
قوله: (إلا ما بين الدفتين): ليس المراد منه ترك القرآن مجموعا بين الدفتين، لأن ذلك يخالف ما قام به أبو بكر من جمع القرآن، ثم عثمان رضي الله عنهما. وإنما لم يترك إلا ما في المصحف، الذي هو القرآن الكريم.
قال ابن كثير: ومعناه أنه عليه السّلام ما ترك مالا ولا شيئا يورث عنه، كما قال عمرو بن الحارث «٢» أخو جويرية: (ما ترك رسول الله ﷺ دينارا ولا درهما ولا عبدا... ) «٣» الحديث.
وهذا ما توضحه رواية الإسماعيلي: (شيئا سوى القرآن) «٤»، أي ما ترك شيئا من مال أو غيره سوى هذا المصحف الذي هو بين اللوحين.
ومن الأدلة الأخرى التي تبين أن النبي ﷺ ما ترك مالا ولا شيئا يورث ما جاء في الحديث الذي يرويه أبو الدرداء رضي الله عنه: (العلماء ورثة الأنبياء، إن

(١) صحيح البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب من قال: لم يترك النبي ﷺ إلا ما بين الدفتين، رقم (٤٧٣١): ٤/ ١٩١٧.
(٢) عمر بن الحارث بن أبي طرار الخزاعي المصطلقي أخو جويرية أم المؤمنين، صحابي قليل الحديث، بقي إلى الخمسين. ينظر: تهذيب الكمال: ٢٠/ ٥٦٩؛ تقريب التهذيب: ١/ ٤١٩.
(٣) صحيح البخاري، كتاب المغازي، باب مرض النبي ﷺ ووفاته، رقم (٤١٩٢): ٤/ ١٦١٩.
(٤) فتح الباري: ٩/ ٨٠.


الصفحة التالية
Icon