- وأكثر أئمة القراء ممن روي عنه هذا الضرب من النظر: أبو عمرو بن العلاء (ت ١٥٤ هـ)، ومنه قوله تعالى: قُلْ أَأُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذلِكُمْ [آل عمران ١٥]، قال ابن زنجلة: «ذكر أبو بكر بن مجاهد في كتابه عن أبي عبد الرحمن اليزيدي عن أبيه قال: لقيني الخليل بن أحمد في حياة أبي عمرو، قال لي: لم قرأ:
آؤلقي الذّكر [القمر ٢٥] وآؤنزل [ص ٨]، ولم يقرأ: (آؤنبئكم)؟ قال: فلم أدر ما أقول له، فرحت إلى أبي عمرو فذكرت له ما قال الخليل، فقال: فإذا لقيته فأخبره أن هذا من (نبّأت) وليس من (أنبأت)، قال: فلقيته فأخبرته بقول أبي عمرو فسكت.»
«١»
ومنه قوله تعالى: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا [نوح ٢٥]، قرأ أبو عمرو:
(خطاياهم)، وقرأ الباقون: (خطيئاتهم)، قال ابن خالويه: «فأما قراءة أبي عمرو فإن ابن مجاهد حدثني عن ابن عياش عن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال: قال أبو عمرو: إن قوما كفروا ألف سنة: كانت لهم خطيئات؟ لا بل خطايا!
يذهب أبو عمرو إلى أن التاء والألف للجمع القليل، وهو جمع السلامة في المؤنث، و (خطايا) جمع التكسير، وهو الكثير «٢»
... » «٣» «٤»
ومنه قوله تعالى: فَقَدَرْنا فَنِعْمَ الْقادِرُونَ [المرسلات ٢٣]، قرأ نافع

(١) الحجة (ز): ١٥٥، وانظر الهداية: ١/ ٤٨. ومعنى هذا الاحتجاج أن الهمزة في (أؤنبئكم) عارضة في المضارع، وليست ثابتة في الماضي والمصدر؛ والهمزة في (أؤنزل) ثابتة في الماضي والمصدر لفظا، وفي المضارع تقديرا، لأن (أنزل) أصله: (أؤنزل)، فلما لزمت كانت أثقل، وكان الفصل معها أوجب إذا دخلت عليها همزة استفهام.
(٢) كذا، ولعل الصواب: للكثير.
(٣) إعراب السبع: ٢/ ٣٩٧، وانظر الحجة (خ): ٣٥٣، والحجة (ز): ٧٢٦.
(٤) قال سيبويه: «وقد يجمعون بالتاء وهم يريدون الكثير». الكتاب، تحقيق: عبد السلام هارون، دار الجيل، بيروت، ط ١، ١٩٩١ م، ص ٣/ ٥٧٨.


الصفحة التالية
Icon