٣ - التعليل:
- يختلف التعليل في الجوانب الصوتية عنه في سائر أبواب العربية بشيء أنه ماديّ، يحيل على الحسّ، وقوامه حديث الاستخفاف والاستثقال، وهو أمر يمكن ضبطه والوقوف على كنهه.
هذا هو الكثير الشائع، ومنه قول مكي في الاحتجاج لمن قرأ بكسر الهمزة من (أمّ) إذا سبقت بكسرة أو ياء ساكنة:
«وحجة من كسر الهمزة أنه اسم كثر استعماله، والهمزة حرف مستثقل، بدلالة ما أجازوا فيها من البدل والتخفيف والحذف ونقل الحركة، دون غيرها من سائر الحروف.
فلما وقع أول هذا الاسم- وهو (أمّ) - حرف مستثقل، وكثر استعماله، وثقل الخروج من كسر أو ياء إلى ضم همزة، وليس في الكلام (فعل) - فلما اجتمع هذا الثقل أرادوا تخفيفه، فلم يمكن فيه الحذف، لأنه إجحاف بالكلمة، ولا أمكن تخفيفه ولا بدله، لأنه أول؛ فغيروه بأن أتبعوا حركته حركة ما قبله، ليعمل اللسان عملا واحدا، والياء كالكسرة.
فإذا ابتدءوا ردّوه إلى الضم الذي هو أصله، إذ ليس قبله في الابتداء ما يستثقل.
وقد فعلوا ذلك في الهاء في (عليهم) و (بهم)، أتبعوا حركته حركة ما قبلها، وأصلها الضم. والإتباع في كلام العرب مستعمل كثير.» «١»
على أن بعض التعليلات في الجوانب الصوتية جاءت متكلّفة، كتعليل أبي علي همز الياء من (ضياء) بالقلب المكاني، قال: «فأما الهمزة في موضع العين من (ضياء)، فيكون على القلب، كأنه قدّم اللام التي هي همزة إلى موضع العين، وأخّرت العين التي هي واو إلى موضع اللام؛ فلما وقعت طرفا بعد ألف زائدة، انقلبت همزة، كما انقلبت في (شقاء) و (غلاء).» «٢»
(٢) الحجة (ع): ٤/ ٢٥٨ - ٢٥٩.