«وما ذكره محمد بن السّريّ في رواية من روى عن أبي عمرو وغيره أنه كان يشمّ ويدغم من أن ذلك محال لا يمكن، فإن الإشمام لا يمتنع مع الإدغام، وذلك أن الإشمام عند النحويين ليس بصوت فيفصل بين المدغم والمدغم فيه، وإنما هو تهيئة العضو لإخراج الصوت الذي هو الضم ليدلّ عليه، وليس بخارج إلى اللفظ.» «١»
ومردّ هذا الخلاف بين أبي بكر وأبي علي: أن الأول حمل الإشمام على إخفاء الحركة، وهو اصطلاح بعض القراء «٢»، فأحال اجتماعه مع الإدغام؛ في حين أن الآخر حمله على الإشارة بالشفتين إلى الضمة من غير تصويت، وهو اصطلاح النحاة، فجوّز اجتماعهما.
- وأكثر ما يؤخذ على بعض المصطلحات الصوتية في كتب الاحتجاج هو التعدد، بأن يكون للّفظ الواحد أكثر من معنى، أو للمعنى الواحد أكثر من لفظ.
فمن الأول (الاختلاس) ومعناه: إخفاء الحركة وإضعاف الصوت بها «٣»، وقد يطلق على حذف صلة هاء الكناية، كقول ابن خالويه:
«قوله تعالى: يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ [آل عمران ٧٥]: يقرأ بإشباع كسرة الهاء ولفظ ياء بعدها، وباختلاس الحركة من غير ياء، وبإسكان الهاء من غير حركة.
فالحجة لمن أشبع وأتى بالياء أنه لما سقطت الياء للجزم أفضى الكلام إلى هاء قبلها كسرة، فأشبع حركتها، فردّ ما كان يجب في الأصل لها.
والحجة لمن اختلس الحركة أن الأصل عنده (يؤديه إليك)، فزالت الياء للجزم، وبقيت الحركة مختلسة على أصل ما كانت عليه.
والحجة لمن أسكن أنه لما اتصلت الهاء بالفعل اتصالا صارت معه كبعض

(١) الحجة (ع): ١/ ٢١٢.
(٢) انظر النشر: ٢/ ١٢١.
(٣) انظر ص ١٩٧ من هذا البحث.


الصفحة التالية
Icon