وغاية ما في الأمر أن يكون (الحرف) أصلا فيما يكتب كما ذكروا، ثم تجوّز العلماء في استعماله لما ينطق أو يسمع على سبيل حذف المضاف، أي:
صوت الحرف، كقوله تعالى: وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ [يوسف ٨٢]، أي: أهل القرية؛ ولا مشاحّة في الاصطلاح.
وأما الصوت فعلاقته بالحرف عندهم علاقة العامّ بالخاصّ، فهو مادّة الحرف. قال ابن سينا: (ت ٤٢٨ هـ): «والحرف هيئة للصوت عارضة له يتميّز بها عن صوت آخر مثله في الحدّة والثّقل تميّزا في المسموع» «١»، فضلا عن عموم استخدام (الصوت) في الإنسان وغيره؛ قال ابن جني: «... الصوت مصدر صات الشيء يصوت صوتا، فهو صائت، وصوّت تصويتا فهو مصوّت، وهو عام غير مختص، يقال: سمعت صوت الرجل، وصوت الحمار، قال الله تعالى: إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْواتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ [لقمان ١٩]... » «٢»
- ثم ذكر ابن أبي مريم أن لهذه الحروف التسعة والعشرين فروعا، بعضها مستحسن وبعضها غير مستحسن، قال:
«وهذه الحروف التسعة والعشرون قد يلحقها ستة أحرف أخر هي متفرعة عنها حتى تبلغ خمسة وثلاثين حرفا، وهذه الستة مستحسنة، يقع أكثرها في القرآن، ويجيء كلها في الفصيح من كلام العرب:
أحدها: النون الخفية...
والثاني: الهمزة المخففة...
والثالث: الألف الممالة...

(١) رسالة أسباب حدوث الحروف: ابن سينا، تحقيق: محمد حسان الطيان ويحيى مير علم، تقديم ومراجعة: د. شاكر الفحام وأحمد راتب النفاخ، مطبوعات مجمع اللغة العربية بدمشق، دار الفكر، دمشق، ط ١، ١٩٨٣ م، ص ٦٠؛ وانظر سر الصناعة: ١/ ٦.
(٢) سر الصناعة: ١/ ٩ - ١٠.


الصفحة التالية
Icon