ولم يرتض كثير من الدارسين هذا الاعتذار، منهم د. عبد الرحمن أيوب الذي نزّه سيبويه عما نسبه إليه د. أنيس قائلا: «أما أن نتصور أنه كان من السذاجة والبساطة بحيث يذكر الشيء الواحد مرتين لمجرد اختلاف اسمه، فهذا أمر لا يتفق وما عليه الرجل من قدرة عقلية ومعرفة عميقة.» «١»
ومنهم أيضا د. حسام سعيد النعيمي الذي دفع هذا الاعتذار بأمور كثيرة منها قول سيبويه: «فأصل حروف العربية تسعة وعشرون حرفا:

الهمزة، والألف، والهاء » «٢»، فلو جعلت الألف إيضاحا للهمزة لكانت ثمانية وعشرين «٣».
وكأن ما حمل سيبويه على أن يجعل الألف من أقصى الحلق ما بدا له من قرابة بينها وبين الهمزة، سوّغت وقوع كل واحدة منهما موقع الأخرى في مواضع كثيرة من اللغة. قال أبو علي في هذا المعنى:
«فإن الهمزة تشبه الألف، لأنها من مخرجها وتقاربها، لأن كل واحدة منهما تنقلب إلى صاحبتها في نحو: هو يضربهأ، وحبلأ، في وقف بعضهم، كما قلبت ألفا في الوقف عند أهل التخفيف في: لم يقرا، وكما قلبت هي أيضا إليها في آدم، وراس.» «٤»
ولهذا الحديث تتمة تذكر في (تخفيف الهمز) «٥» إن شاء الله.
ب- مخرج الضاد عند سيبويه من حافة اللسان وما يليها من الأضراس «٦»،
(١) محاضرات في اللغة: د. عبد الرحمن أيوب، مطبعة المعارف، بغداد، ١٩٦٦ م، ص ١٢٦.
(٢) الكتاب: ٤/ ٤٣١.
(٣) الدراسات اللهجية والصوتية عند ابن جني: ٣٠٣.
(٤) الحجة (ع): ٤/ ١٧١.
(٥) انظر ص ١٥٥ من هذا البحث.
(٦) انظر الكتاب: ٤/ ٤٣٣.


الصفحة التالية
Icon