وعلة ذلك ليس الجمع بين اللغتين كما يفتي به جميع من تسأله عنه، لكنه لمّا جاز الوقف على قوله تعالى: وَتَفَقَّدَ الطَّيْرَ فَقالَ ما لِيَ، وأن يستأنف فيقول: لا أَرَى الْهُدْهُدَ- سكّن الياء من (لي)، أمارة لجواز الوقوف عليها.
ولمّا لم يحسن الابتداء بقوله: لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي، حرّك الياء من (لي) قبلها، أمارة لإدراج الكلام ووصله، وذاك أن الحركة من أعراض الوصل، والسكون من أعراض الوقف.
فهل يحسن مع وجود هذا الفرق الواضح الكريم، أن يخلد دونه إلى التعذّر بما يخلد إليه الموهون المضيم «١»؟» «٢»
- ومنه أن ما جاء على (فعلان) من الصفات والمصادر فيه معنى الحركة والخفة والإسراع، قال: «أكثر ما جاء فعلان في الأوصاف والمصادر.
فالأوصاف كقولهم: رجل شقذان للخفيف، وقالوا: أكذب من الأخيذ الصّبحان بفتح الباء كما ترى، وقد روي الصّبحان بتسكينها «٣»
؛ ويوم صخدان ولهبان لشدة الحرّ، وعير فلتان «٤»، ورجل صميان: ماض منجرد.
وأما المصادر فنحو: الوهجان، والنّزوان، والغليان، والغثيان، والقفزان، والنّقران.

(١) أي: المظلوم.
(٢) المحتسب: ١/ ١٤٦ - ١٤٧، وانظر إعراب السبع: ٢/ ١٤٤ - ١٤٥، والحجة (ز): ٥٢٤.
(٣) الأخيذ: الأسير. وأصل المثل: أن رجلا خرج من حيّه وقد اصطبح، فلقيه جيش يريدون قومه، فسألوه عنهم، فقال: لا عهد لي بهم، ثم غلبه البول، فعلموا أنه مصطبح، فطعنوه في بطنه فبدره اللبن، فعلموا أن الحيّ قريب، فقصدوهم فظفروا بهم. جمهرة الأمثال: أبو هلال العسكري، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهيم وعبد المجيد قطامش، دار الجيل، بيروت، ط ٢، ١٩٨٨ م، ص ٢/ ١٧٢؛ وانظر اللسان: مادة (ص ب ح)، ٧/ ٢٧٢.
(٤) أي: نشيط.


الصفحة التالية
Icon