كما أفرده بالتصنيف فيما بعد أبو علي الجبائي (ت ٣٠٣) والقاضي أبو بكر ابن الخلّال من رجال أواخر القرن الرابع «١» والقاضي عبد الجبار (ت ٤١٥) وغيرهم. ولكن المعتزلة من متأخري رجال طبقة أبي الهذيل نفسه لم يلبثوا أن أقدموا على وضع المصنفات المطولة في تفسير القرآن، كما فعل أبو بكر الأصم وموسى الأسواري وعمرو بن فائد، تبعهم بعد ذلك عدد كبير من رجالهم في هذا القرن والقرن الذي يليه.
ونذكر في هذا الفصل أهم مصنفات المعتزلة في التفسير قبل الحاكم، ونعرّف بإيجاز بما وصل إلينا منها، وهو عدد خطي لا بأس به، بل لعله على جانب كبير من الأهمية في الواقع، وبخاصة وأنه لما يسبق الحديث عنه. وسوف ندرك من وقوفنا على تفاسير أخرى قيمة لم تصل إلينا، مدى قيمة كتاب مصنفنا الحاكم رحمه الله، الذي كان يديم النقل عنها، كما سنفصل ذلك عند الكلام على مصادره في الفصل التالي.
١ - تفسير الامام القاسم بن إبراهيم الرّمّي (١٦٩ - ٢٤٦)، واضع أسس الدولة الزيدية باليمن كما تقدم، وقد نعته الحاكم بنجم آل رسول الله صلّى الله عليه وسلم والمبرّز في أصناف العلوم «٢» وينعته الزيدية بأمير المؤمنين والامام الأعظم المجدد للدين بعلمه الجم «٣» وله كتاب في تفسير القرآن، وآخر في الناسخ والمنسوخ، وكتب أخرى في الفقه وعلم الكلام ورسائل

(١) انظر الفهرست ص ٣٦ و ٨٧.
(٢) انظر شرح عيون المسائل ١/ ورقة ١٤٠.
(٣) انظر إتحاف المهتدين بذكر أئمة اليمن المسترشدين للمؤرخ ابن زبارة ص ٤١.


الصفحة التالية
Icon