الكلام عن فضل أهل البيت، وما لهم من الحق على عامة المسلمين. وهذه الخطبة التي سقط بعضها بسقوط الورقة الأولى من الكتاب، واحدة من رسائل الإمام الهادي نفسه، قدمها جامع الكتاب بين يدي عمله فيه كما ذكر بعد ذلك. وقد اختارها فيما يبدو لما تحمله من خطوط منهج الإمام الهادي وسائر أهل البيت في تفسير القرآن «١»، فقد جاء فيها بعد الكلام السابق على أهل البيت: «فرأينا عند ما خصنا الله به وأعطانا، وفضلنا على أهل دهرنا وأولانا: أن نشرح فضائل الحكمة التي أوليناها، وأن نبين علامات الإمامة التي أعطانا الله [إياها] لنخلع حجته من رقابنا، ونثبتها لله على غيرنا، كما نظهر مما أمرنا الله بإظهاره من شرح غامض الكتاب، وتبيين تفسيره في كل الأسباب، حتى نبين بذلك الحق المبين، ونثبت فيه الصدق واليقين، وننفي عنه تأويل الفاسقين، ونميط عنه تفسير الجاهلين، الذين حملوا تأويله على تنزيله، وحكموا على محكمه بمتشابهه.
وردوا معاني الآيات المحكمات البينات، من الآيات اللواتي هن الأمهات، على معاني غيرهن من المتشابهات. واستشهدوا لمتشابهه على المحكم، فأهلكوا بذلك جميع الأمم. وشبهوا تأويلهم وتفسيرهم ربّهم بخلقه، فأبطلوا ما نفاه من بعد الشّبه بهم عن نفسه. فمثلوه تمثيلا، ونقلوه في الصور تنقيلا.
وجعلوه بذلك صورة مصورة محدودة، عندهم معدودة. فعبدوا ما وصفوا، ودانوا لهذه الصورة التي ذكروا. فكانوا بالله غير عارفين ولا مقرين

(١) لعلها مقدمة كتاب الهادي في تفسير القرآن.


الصفحة التالية
Icon