والذي بين أيدينا اليوم من تراثه في التفسير! جزء واحد يقع في ثمان وثلاثين ومائتي ورقة، عرض فيه لجميع سور القرآن، واقفا عند كل سورة أمام ما يرى أنه بحاجة إلى شرح وتفسير، قال في سورة المعراج:
«بسم الله الرحمن الرحيم: قوله تعالى: (سَأَلَ سائِلٌ بِعَذابٍ واقِعٍ لِلْكافِرينَ لَيْسَ لَهُ دافِعٌ مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ) يعني: طلب طالب بعذاب واقع، وهذا الطالب كان النضر بن الحارث، وكان صاحب لواء المشركين يوم بدر، سأل ذلك في قوله: «اللَّهُمَّ إِنْ كانَ هذا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنا حِجارَةً مِنَ السَّماءِ أَوِ ائْتِنا بِعَذابٍ أَلِيمٍ» وإنما طلب تعجيل عذاب الآخرة في دار الدنيا فقتل يوم بدر أسيرا. (مِنَ اللَّهِ ذِي الْمَعارِجِ) يعني ذي النعم والفواضل ودرجات الخير. (تَعْرُجُ الْمَلائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ) أي تصعد الملائكة إلى أمره وإلى مواضعهم ومقاماتهم المرتبة لهم. والروح عنى به جبريل عليه السلام، وخصه بالذكر تشريفا. (فِي يَوْمٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) يعني يوم القيامة لأن طوله خمسون ألف سنة من سنيّ الدنيا، وهو ضياء يستديم إلى أن يجاب الخلق فيستقر أهل الجنة في الجنة، وأهل النار في النار» «١».
وختم هذا التفسير في آخر سورة الناس، بقوله: «وروينا عن آبائنا عليهم السلام أن سيدنا رسول الله كان يعوّذ الحسن والحسين عليهما السلام فيقول: أعيذكما بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامه». ونحن نستعيذ بالله مما عوذ... وفقنا الله وقارئه لتدبر ما فيه،