ب- ويعترضنا هنا إشكال لا يسعنا التغاضي عنه، هو قلة نقول الحاكم عن تفسير القاضي عبد الجبار إذا قيست بنقوله عن التفاسير الثلاثة السابقة، في حين كان من المتوقع أو المفروض أن يكون دائم النقل عنه كثير الاستشهاد بآراء القاضي فيه وتأويلاته، نظرا لمكانة القاضي عنده، وأخذه عن تلامذته، واعتداده بآرائه في كثير من مسائل الفقه والكلام.
والجواب عن ذلك: أن القاضي نفسه إنما اعتمد في تفسيره على تفسير شيخه أبي علي الجبائي، ولم يخالفه فيما يبدو مخالفة تذكر، يدل على ذلك- بعد أن افتقدنا تفسير القاضي- ما نجده في كتابه «اعجاز القرآن» - أحد أجزاء المغنى- من النقول عن مقدمة تفسير أبي علي، وإحالته فيه على كتب شيخه في علوم القرآن، منها كتابه: نقض الدامغ «١»، الذي رد فيه أبو علي على ابن الراوندي طعنه على القرآن بالتناقض، قال القاضي: «وقد تقصّى شيخنا أبو علي القول في ذلك- أي في بيان فساد ما يتعلقون به من التناقض في القرآن- في نقض كتاب الدامغ، وشفى الصدر رحمه الله بما أورده، وقد نبهنا على الأصل في ذلك، ولولا أن الكلام يطول لذكرنا بعضه... » ثم قال: «ونحن نورد اليسير مما أورده ابن الراوندي وادعى به المناقضة، ليعرف به

(١) جاء اسم كتاب ابن الراوندي في مقدمة التحقيق القيمة التي صدر بها المحقق الفاضل الأستاذ السيد أحمد صقر كتاب «إعجاز القرآن للباقلاني»:
«الدافع» ولم ينبه الأستاذ المحقق إلى هذا السهو في جدول التصويب، تاركا لبعضهم فيما يبدو مجالا «للبحث»...


الصفحة التالية
Icon