من يدعي التخصيص في مثل هذا لا يبعد قوله، لأن ما تقدم كلام في المكذبين، وإن كان الأصل هو العموم، قال الحاكم: «وجوابنا أن المعتبر عموم اللفظ لا ما تقدم».
وقال في قوله تعالى: (إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي عَذابِ جَهَنَّمَ خالِدُونَ، لا يُفَتَّرُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ) «١» أنه يدل على أن كل مجرم في عذاب جهنم، والفاسق مجرم، ويدل على أن الفساق يكونون في النار.
قال: «ومتى قيل: أراد به الكفار، لذلك قال: (وَلكِنَّ أَكْثَرَكُمْ لِلْحَقِّ كارِهُونَ) وقال: (أَمْ أَبْرَمُوا أَمْراً) قلنا: اللفظ عام، والفاسق يكره الحق عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والفاسق يكيد المؤمنين أيضا، فلا مانع من حمل الآية على عمومها».
وذكر في تفسير قوله تعالى: (قالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ، ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَما أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) «٢» أن وعده ووعيده لا يتبدل، وأنه تعالى لا يعاقب بغير ذنب ولا يجازي بالحسنة سيئة، ولا يمنع الثواب من استحقه. ثم قال: «ويدل قوله (ما يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) أن وعيده لا خلف فيه، خلاف قول بعض المرجئة. وبهذه الآية احتج عمرو بن عبيد على أبي عمرو بن العلاء بمكة لما ناظره في الوعيد» قال الحاكم: «ومتى قيل: من أوعد غيره ثم خالف يعد إحسانا، قلنا: فينا ذلك، لأنا نعلم العواقب فنخبر عن عزمنا، والله تعالى عالم
(٢) الآيتان ٢٨ - ٢٩ سورة ق، ورقة ٦٤/ ظ.