الذي نشأ في الأصل هينا ثم عمّق بفعل التعصب، ولكن مهمتنا هي التقريب بين مواطن الخلاف وقواعد النظر، والتأكيد على وحدة الفكر الإسلامي، ومحاولة الوصول إلى الحق على ضوء هذه الحقيقة، ومن خلال دراسة تراث جميع الفرق في ظلال القرآن.
٦ - أما الطريقة التي اتبعتها في هذا البحث فقد حددتها على ضوء منهج الحاكم نفسه وطريقته في تفسيره، ويتلخص هذا المنهج في أنه منهج كلامي تصرف فيه العناية إلى آيات العدل والتوحيد دون آيات الفقه والشرائع وسائر الآيات، ولهذا عنيت في المقام الأول بالكشف عن هذا المنهج وبيان القاعدة الفكرية التي أسس عليها، والآثار التي خلّفها- دون غيره- في كتاب الحاكم وحاولت في هذا المجال- ما استطعت إلى ذلك سبيلا- رد الفروع إلى الأصول، والوقوف على القواعد العامة التي تحكم رأي الحاكم ومذهبه في نقاط كثيرة، دون محاولة الخوض في الجزئيات. كما أنني لم أحاول «التعديل» من طغيان جانب الكلام والرد على الخصوم وأهل الأهواء في تفسير الحاكم على جانب الفقه والتشريع، بالكلام عليهما على نحو متقارب، وإن كان الحاكم لم يهمل العناية بالفقه وآيات الأحكام، ولكن هذه العناية ليست هي الطابع المميز لكتابه حتى يسمح لنا بإدراجها في كلامنا على «المنهج» بمعناه العلمي أو الفكري الذي يحكم تفسيره، دون موضعها الصحيح في مكان آخر.
٧ - وقد جعلت هذا البحث في تمهيد وخمسة أبواب: تحدثت في التمهيد عن عصر الحاكم، أو القرن الخامس. ورتبت الأبواب وما تشتمل عليه من الفصول على النحو التالي: