وقد ذهب الخوارج إلى عدّ مرتكب الكبيرة كافرا، واعتبره الأشاعرة وسائر أهل السنة من المؤمنين الفاسقين.
وقد انطلق الحاكم في تفسيره لهذه الكلمات والأسماء- الإيمان، الإسلام، الكفر، الفسق، النفاق- التي أثارت جدلا طويلا في تاريخ الإسلام، من مصطلحه الاعتزالي السابق، واستدل له بكثير من الآيات، رادا على من زعم غير ذلك، قال في قوله تعالى: (بِئْسَ الِاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ) «١» إنه يدل على «أن الفسق اسم ذم، والإيمان اسم مدح، وأنهما لا يجتمعان» قال: «فيدل على قولنا في انهما من أسماء الشرع، وعلى قولنا في المنزلة بين المنزلتين». وقال في قوله تعالى:
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ. وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ. لا يَسْتَوِي أَصْحابُ النَّارِ وَأَصْحابُ الْجَنَّةِ، أَصْحابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفائِزُونَ) «٢» إن الآيات تدل على أن اسم الفسق اسم ذم ولا يجمع مع اسم الإيمان. قال: «فيصحح قولنا في المنزلة بين المنزلتين». وتدل أن الفوز للمتقين، وأن الفاسق ليس بفائز، فيبطل قول المرجئة.
وقوله تعالى: (وَلكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيانَ) «٣» يدل عند الحاكم على
(٢) الآيات ١٨ - ٢٠ سورة الحشر، ورقة ٩٢/ ظ.
(٣) الآية ٧ سورة الحجرات، ورقة ٦١/ ظ.